(وَمَنْ ادَّعَى)؛ أي: انتسب (إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ) المعروف (أَوْ انْتَمَى)؛ أي:
انتسب (إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ) وفي رواية البخاريّ: "ومن والى قومًا بغير إذن
مواليه"، قال في "الفتح": قوله: "ومن يتولى قومًا بغير إذن مواليه" لَمْ يَجعل
الإذن شرطًا لجواز الادّعاء، وإنما هو لتأكيد التحريم؛ لأنه إذا استأذنهم في
ذلك منعوه، وحالوا بينه وبين ذلك. قاله الخطابيّ وغيره.
وَيحتَمِل أن يكون كَنَى بذلك عن بيعه، فإذا وقع بيعه جاز له الانتماء إلى
مولاه الثاني، وهو غير مولاه الأول، أو المراد موالاة الَحِلْف، فإذا أراد
الانتقال عنه لا ينتقل إلَّا باذن.
وقال البيضاويّ: الظاهر أنه أراد به ولاء العتق؛ لعطفه على قوله: "من
ادَّعى إلى غير أبيه"، والجمعِ بينهما بالوعيد، فإن العتق من حيث إنه لُحْمة
كلُحْمة النسب، فإذا نُسب إلى غير من هو له، كان كالدّعِيّ الذي تبرأ عمن هو
منه، وأَلحق نفسه بغيره، فيستحق به الدعاء عليه بالطرد، واللإبعاد عن الرحمة.
ثم أجاب عن الإذن بنحو ما تقدم، وقال: ليس هو للتقييد، وإنما هو
للتنبيه على ما هو المانع، وهو إبطال حق مواليه، فأورد الكلام على ما هو
الغالب. انتهى (?).
(فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا").
وقوله: (وَانْتَهَى حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ) يعني ابن أبي شيبة شيخه الأول (وَزُهَيْرٍ)
يعني ابن حرب، شيخه الثاني (عِنْدَ قَوْيهِ: "يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ"، وَلَمْ يَذْكُرَا مَا
بَعْدَهُ، وَلَيْسَ في حَدِيثِهِمَا: مُعَلَّقَةٌ في قِرَابِ سَيْفِهِ).
قال الجامع عفا الله عنه: أما حديث زهير، فقد أخرجه أبو يعلى في
"مسنده" (1/ 228) فقال:
(263) - حدّثنا أبو خيثمة، حدَّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن
إبراهيم التيميّ، عن أبيه، قال: خطبنا عليّ، فقال: من زعم أن عندنا شيئًا
نقرؤه، إلَّا كتاب الله، وهذه الصحيفة، صحيفة فيها أسنان الإبل، وأشياء من