منهما (لَعْنَةُ اللهِ)؛ أي: طرده، ح وابعاده من رحمته (وَالْمَلَائِكَةِ)؛ أي: دعاؤهم
عليه بالبعد عن رحمة الله تعالى (وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)؛ أي: عليه دعاؤهم بالطرد من
رحمة الله تعالى (لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا) قال في "الفتح":
اختُلِف في تفسيرهما، فعند الجمهور: الصرف الفريضة، والعدل النافلة، ورواه
ابن خزيمة بإسناد صحيح، عن الثوريّ، وعن الحسن البصريّ بالعكس، وعن
الأصمعيّ: الصرف التوبة، والعدل الفدية، وعن يونس مثله، لكن قال: الصرف
الاكتساب، وعن أبي عبيدة مثله، لكن قال: العدل الحيلة، وقيل: المثل،
وقيل: الصرف الدية، والعدل الزيادة عليها، وقيل: بالعكس، وحكى صاحب
"المحكم": الصرف الوزن، والعدل الكيل، وقيل: الصرف القيمة، والعدل
الاستقامة، وقيل: الصرف الدية، والعدل البديل، وقيل: الصرف الشفاعة،
والعدل الفدية؛ لأنَّها تعادل الدية، وبهذا الأخير جزم البيضاويّ، وقيل: الصرف
الرشوة، والعدل الكفيل، قاله أبان بن ثعلب، وأنشد:
لَا نَقْبَلُ الصَّرْفَ وَهَاتُوا عَدْلَا
فحصلنا على أكثر من عشرة أقوال. انتهى (?).
(وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ)؛ أي: عهدهم وأما نهم (وَاحِدَةٌ)؛ أي: كالشيء
الواحد، لا يختلف باختلاف مراتب الناس، فلا يجوز لأعلى الناس أن ينقض
ما عقدهم أدناهم.
وحاصل المعنى: أن أمان المسلمين للكافر صحيح، فإذا أَمَّنه واحدٌ من
المسلمين حَرُم على غيره التعرض له ما دام في أمْن المسلم، وللأمان شروط
معروفة.
وقال البيضاويّ: الذِّمة: العهد، سُمّي بها؛ لأنه يُذَمّ متعاطيها على
إضاعتها.
وقوله: (يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ)؛ أي: يتولاها، ويلي أمرها أدنى المسلمين
مرتبة، والمعنى أن ذمة المسلمين واحدة، سواءٌ صدرت من واحد، أو أكثر،
شريفٍ، أو وضيعٍ، فإذا أَمَّن أَحد من المسلمين كافرًا، وأعطاه ذمة لَمْ يكن