7 - (ومنها) ة ما قاله ابن بطال رحمه الله: دَلّ الحديث على أن من أحدث
حَدَثًا، أو آوى مُحْدِثًا في غير المدينة أنه غير متوعَّد بمثل ما تُوُعِّد به مَن فَعَل
ذلك بالمدينة، وإن كان قد عُلِم أن من آوى أهل المعاصي أنه يشاركهم في
الإثم، فإن مَن رَضِي فعل قوم وعملهم التحق بهم، ولكن خُصَّت المدينة
بالذكر؛ لشرفها؛ لكونها مهبط الوحي، وموطن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومنها انتشر الدين
في أقطار الأرض، فكان لها بذلك مزيد فضل على غيرها.
وقال غيره: السزُ في تخصيص المدينة بالذكر أنها كانت إذ ذاك موطن
النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم صارت بعده موضع الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم-، والله تعالى أعلم
بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الامام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب
قال:
[3325] (1367) - (حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ،
أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، قَالَ: سَأَلتُ أنَسًا: أَحَرَّمَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ؟ قَالَ:
نَعَمْ، " هِيَ حَرَامٌ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ،
وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ").
رجال هذا الإسناد: أربعة:
1 - (زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ) تقدّم قبل بابين.
2 - (يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ) السلمئ، أبو خالد الواسطيّ، ثقةٌ متقن عابدٌ [9]
(ت 206) وقد قارب التسعين (ع) تقدم في "المقدمة" 6/ 45.
والباقيان ذُكرا قبله.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد أنه من رباعيّات المصنّف رحمه الله؛
كالأسانيد الثلاثة الماضية، والسند التالي.
وقوله: (لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: لا يُقطع نباتها،
يقال: اختليتُ الخلا اختلاءً: قطعته، و"الخلا" بالقصر الرَّطْبُ من النبات،
والواحدة خلاة، مثلُ حضى وحصاة، قال في "الكفاية": الخلا: الرَّطْب، وهو