(فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) هذا وعيد شديد لمن ارتكب هذه

الجريمة، قال القاضي عياض رحمه الله: واستدلوا بهذا على أن ذلك من الكبائر؛

لأن اللعنة لا تكون إلا في كبيرة، ومعناه: أن الله تعالى يلعنه، وكذا تلعنه

الملائكة، والناس أجمعون، وهذا مبالغة في إبعاده عن رحمة الله تعالى، فإن

اللعن في اللغة هو الطرد والإبعاد، قالوا: والمراد باللعن هنا العذاب الذي

يستحقه على ذنبه، والطرد عن الجنة أول الأمر، وليست هي كلعنة الكفار الذين

يُبعَدون من رحمة الله تعالى كلّ الإبعاد. انتهى (?).

(لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا") قال القاضي عياض: قال

المازريّ: اختلفوا في تفسيرهما، فقيل: الصرف الفريضة، والعدل النافلة،

وقال الحسن البصريّ: الصرف النافلة، والعدل الفريضة عكس قول الجمهور،

وقال الأصمعيّ: الصرف التوبة، والعدل الفدية، ورُوي ذلك عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-،

وقال يونس: الصرف الاكتساب، والعدل الفدية، وقال أبو عبيدة: العدل

الحيلة، وقيل: العدل المثل، وقيل: الصرف الدية، والعدل الزيادة، قال

القاضي: وقيل: المعنى لا تُقبل فريضته، ولا نافلته قبول رضأ، وإن قُبلت

قبول إجزاء، وقيل: يكون القبول هنا بمعنى تكفير الذنب بهما، قال: وقد

يكون معنى الفدية هنا أنه لا يجد في القيمة فداء يفتدي به، بخلاف غيره من

المذنبين الذين يتفضل الله على من يشاء منهم، بأن يفديه من النار بيهوديّ، أو

نصرانيّ، كما ثبتٌ في "الصحيح". انتهى.

(قَالَ) عاصم (فَقَالَ ابْنُ أنَسٍ) قال النوويّ رحمه الله: كذا وقع في أكثر

النسخ: "فقال ابن أنس"، ووقع في بعضها: "فقال أنس " بحذف لفظة: "ابن"،

قال القاضي: ووقع عند عامة شيوخنا: "فقال ابن أنس " بإثبات "ابن"، قال:

وهو الصحيح، وكأنّ ابن أنس ذَكَّر أباه هذه الزيادة؛ لأن سياق هذا الحديث

من أوله إلى آخره من كلام أنس، فلا وجه لاستدراك أنس بنفسه، مع أن هذه

اللفظة قد وقعت في أول الحديث في سياق كلام أنس في أكثر الروايات،

قال: وسقطت عند السمرقنديّ، قال: وسقوطها هناك يُشبه أن يكون هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015