قال الجامع عفا الله عنه: تعقّب الحافظ في الأجرة محلّ نظر؛ فإن
أنسًا -رضي الله عنه- خدم النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين، فهل هذه المدة كلّها كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يدفع
له الأجرة؟ هذا يحتاج إلى نمصحيح، فتأمّل، والله تعالى أعلم.
3 - (ومنها): أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "هذا جبل يحبنا ونحبه " الصواب أنه محمول
على الحقيقة، ولا يجوز فيه دعوى المجاز، فتبصّر.
قال في "العمدة": في الحديث جواز استخدام اليتيم بغير أجرة؛ لأن
أنسًا كان يخدمه -صلى الله عليه وسلم- من غير اشتراط أجرة، ولا نفقة، فجائز على اليتيم أن
تسفمه أمه، أو وصيّه، وشبههما في الصناعة، والمهنة، وهو لازم له، ومنعقد
عليه، وفي " لتوضيح": وفيه جواز استخدام اليتامى بشبعهم، وكسوتهم، وجواز
الاستخدام لهم بغير نفقة، ولا كسوة إذا كان في خدمة عالم، أو إمام في
الذين؛ لأنه لم يُذكَر في حديث أنس -رضي الله عنه- أن له أجر الخدمة، وإن كان قد
يجوز أن تكون نفقته من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (?).
4 - (ومنها): ما قيل: إنه يؤخذ من هذا الحديث أن أُحُدًا أفضل
الجبال، وقيل: عرفة، وقيل: أبو قبيس: وقيل: الذي كلّم الله عليه
موسى عليه السلام، وقيل: قاف، قيل: وفيه قبر هارون أخي موسى عليه السلام ولا يصح.
5 - (ومنها): ما قاله المهلَّب رحمه الله: في حديث أنس -رضي الله عنه- يعني قوله في
رواية البخاريّ: "لا يُقطع شجرها، ولا يُحدث فيها حدث"- دلالة على أن
المنهيّ عنه في الحديث الماضي مقصور على القطع الذي يحصل به الإفساد،
فأما من يقصد الإصلاح، كمن يغرس بستانًامثلًا، فلا يمتنع عليه قطع ما كان
بتلك الأرض من شجر يضرّ بقاؤه، قال: وقيل: بل فيه دلالة على أن النهي
إنما يتوجه إلى ما أنبته الله من الشجر، مما لا صنع للآدميّ فيه، كما حُمِل
عليه النهي عن قطع شجر مكة، وعلى هذا يُحْمَل قطعه -صلى الله عليه وسلم- النخل، وجعله قبلة
المسجد، ولا يلزم منه النسخ. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه
المرجع والمآب.