حولك"، فكانت تلك وليمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على صفية، ثم خرجنا إلى المدينة،

قال: فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُحَوِّي لها وراءه بعباءة، ثم يجلس عند بعيره،

فيضع ركبته، فتضع صفية رجلها على ركبته، حتى تركب، فسرنا حتى إذا

أشرفنا على المدينة، نظر إلى أُحد، فقال: "هذا جبل يحبنا ونحبه"، ثم نظر

إلى المدينة، فقال: "اللهم إني أحرِّم ما بين لابتيها بمثل ما حَرَّم إبراهيم مكة،

اللهم بارك لهم في مُدِّهم وصاعهم". انتهى.

(ثُمَّ أَقْبَلَ)؛ أي: توجّه إلى المدينة (حَتى إِذَا بَدَا)؛ أي: ظهر الَهُ أُحُدٌ)

بضمّتين: جبل بقرب مدينة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- جهة الشام، وكانت به الوقعة

المشهورة في أوائل شوّال سنة ثلاث من الهجرة، وهو مذكّر، فينصرف، وقيل:

يجوز تانيثه على توهّم البقعة، فيُمنع، وليس بالقويّ، قاله الفيّوميّ (?). (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-

("هَذَا) إشارة إلى أُحُد (جَبَل يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ) قال النوويّ رحمه الله: الصحيح المختار

أن معناه أن أُحُدًا يحبنا حقيقة، جعل الله تعالى فيه تمييزًا يحب به، كما قال

{وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: 74]، وكما حَنّ الْجِذْع اليابس، وكما

سَبَّح الحصى، وكما فَرَّ الحجر بثوب موسىي عليه السلام، وكما قال نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "إني

لأعرف حجرًا بمكة، كان يسفم عليّ"، وكما دعا الشجرتين المفترقتين،

فاجتمعا، وكما رَجَفَ أُحُذ وعليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأبو بكر، وعمر، وعثمان،

فضربه -صلى الله عليه وسلم- برجله، وقال له: "اثبُت أُحدُ، فما عليك إلا نبيّ، أو صديق، أو

شهيدان"، وكما كلّمه ذراع الشاة، وكلّها أحاديث صحيحةٌ، وكما قال: {وَإِنْ

مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44]، والصحيح في

معنى هذه الآية أن كل شيء يسبح حقيقة بحسب حاله، ولكن لا نفقهه، وهذا

وما أشبهه شواهدُ لما اخترناه، واختاره المحققون في معنى الحديث، وأن

احدا يحبنا حقيقة، وقيل: المراد يحبنا أهلُه، فحذف المضاف، وأقام المضاف

إليه مقامه. انتهى كلام النوويّ رحمه الله ببعض تصرّف (?).

[تنبيه]: هذه الرواية ظاهرة أنه -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك لَمّا رآه في حال رجوعه من

خيبر، وفي حديث قتادة، عن أنس أنه قال ذلك لَمّا رآه في حال رجوعه من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015