والخادمة بالهاء في المؤنّث قليل، والجمع خَدَمٌ بفتحتين، وخُدّام بالضم،
والتشديد (?).
قال في "الفتح": قد استُشْكِل من حيث إن ظاهره أن ابتداء خدمة
أنس -رضي الله عنه- للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- من أول ما قَدِمَ المدينة؛ لأنه صح عنه أنه قال: خَدِمتُ
النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تسع سنين، وفي رواية عشر سنين، وخيبر كانت سنة سبع، فيلزم أن
يكون إنما خَدَمه أربع سنين، قاله الداودي وغيره.
وأجيب بأن معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي طلحة: "التمس لي غلامًا من غلمانكم "
تعيينُ مَن يخرج معه في تلك السَّفْرة، فَعَيَّن له أبو طلحة أنسًا، فينحط الالتماس
على الاستئذان في المسافرة به، لا في أصل الخدمة، فإنها كانت متقدمة،
فَيُجْمَعُ بين الحديثين بذلك. انتهى (?).
(فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ يُرْدِفُني) بضمّ أوله، من الإرداف، والجملة حاليّة،
والرديف: هو الذي تحمله خلفك على ظهر دابّتك، وقوله: (وَرَاءَهُ) ظرف
لى"يُردفني " (فَكُنْتُ أَخْدُمُ) بضمّ الدال، وكسرها، كما مرّ آنفًا (رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم-
كُلَّمَا نَزَلَ)؛ أي: في أي وقت، وفي أي مكان نزل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقوله: (وَقَالَ
فِي الْحَدِيثِ) إشارة إلى أن في الحديث اختصارًا، وقد ساقه البخاريّ في
"صحيحه " مطوّلًا، فقال: حدثنا قتيبة، حدّثنا يعقوب، عن عمرو، عن أنس بن
مالك -رضي الله عنه-؛ أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي طلحة: "التمس غلامًا من غلمانكم،
يخدمني حتى أخرج إلى خيبر"، فخرج بي أبو طلحة، مردفي، وأنا غلام،
راهقت الْحُلُم، فكنت أخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نزل، فكنت أسمعه كثيرًا يقول:
اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزَن، والعجز والكسل، والبخل والجبن،
وضِلَع الدين، وغلبة الرجال". ثم قَدِمنا خيبر، فلما فتح الله عليه الحصن، ذُكر
له جمال صفية بنت حيي بن أخطب، وقد قُتل زوجها، وكانت عروساً،
فاصطفاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنفسه، فخرج بها، حتى بلغنا سد الصهباء حَلّت،
فبنى بها، ثم صنع حيسًا في نِطَعٍ صغير، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "آذن من