عبد الرحمن الكوفيّ، ثقةٌ مكثر فقيهٌ [2] (ت 4 أو 75) (ع) تقدم في "الطهارة"

32/ 674.

والباقيان ذُكرا في الباب.

وقولها: (مِنَ الْغَنَمِ) فيه ردّ على من نفى تقليد الغنم، وقد ترجم الإمام

البخاريّ رحمه الله في "صحيحه"، فقال: "باب تقليد الغنم"، ثم أورد هذا

الحديث؛ ردًّا على هؤلاء.

قال ابن المنذر: أنكر مالك، وأصحاب الرأي تقليدها، زاد غيره:

وكأنهم لم يبلغهم الحديث، ولم نجد لهم حجةً، إلا قول بعضهم: إنها تَضْعُف

عن التقليد، وهي حجة ضعيفةٌ؛ لأن المقصود من التقليد العلامة، وقد اتفقوا

على أنها لا تُشْعَر؛ لأنها تضعف عنه، فتقلَّد بما لا يضعفها، والحنفية في

الأصل يقولون: ليست الغنم من الهدي، فالحديث حجة عليهم من جهة

أخرى.

وقال ابن عبد البرّ: احتجّ من لم ير إهداء الغنم بأنه - صلى الله عليه وسلم - حج مرة واحدة،

ولم يُهد فيها غنمًا. انتهى.

قال الحافظ رحمه الله: وما أدري ما وجه الحجة منه؛ لأن حديث الباب دالّ

على أنه - صلى الله عليه وسلم - أرسل بها، وأقام، وكان ذلك قبل حَجَّته قطعًا، فلا تعارض بين

الفعل والترك؛ لأن مجرد الترك لا يدل على نسخ الجواز، ثم مَنِ الذي صرح

من الصحابة بأنه لم يكن في هداياه في حَجَّته غنم حتى يسوغ الاحتجاج

بذلك؟ ، ثم ساق ابن المنذر من طريق عطاء، وعبيد الله بن أبي يزيد، وأبي

جعفر محمد بن عليّ، وغيرهم قالوا: رأينا الغنم تقدَّم مُقَلَّدة، ولابن أبي شيبة

عن ابن عباس نحوه، والمراد بذلك الردّ على من ادَّعَى الإجماع على ترك إهداء

الغنم وتقليدها، وأعلّ بعض المخالفين حديث الباب بأن الأسود تفرد، عن

عائشة بتقليد الغنم، دون بقية الرُّوَاة عنها من أهل بيتها وغيرهم، قال المنذريّ

وغيره: وليست هذه بعلّة؛ لأنه حافظ ثقة لا يضره التفرد، قاله في "الفتح" (?).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن الحقّ مشروعيّة تقليد الغنم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015