العلماء أوّله بأنه أنكر كونه من المناسك، لا أصل استحبابه، فحَكَى الترمذيّ،
عن الشافعيّ أنه قال: نزول الأبطح ليس من النسك في شيء، إنما هو منزل
نزله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال العراقي في "شرح الترمذيّ": قول ابن عباس -رضي الله عنهما-:
"ليس التحصيب بشيء": أي ليس بشيء من المناسك، كما هو مُفَسَّر في كلام
الشافعيّ، فقد وَعَدَهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن ينزل به، كما في حديث أبي هريرة
وأسامة -رضي الله عنهما-، وقال ابن المنذر في كلام عائشة -رضي الله عنها- المتقدم: فدلّ قولها هذا
على أن نزول المحصَّب ليس من المناسك، ولا شيء على من تركه من فدية،
ولا غيرها، أفاده وليّ الدين رحمه الله في "شرح التقريب" (?).
فال الجامع عفا الله عنه: قد عرفت فيما سبق أن الحقّ كون النزول
بالمحصّب سنّة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- نزله قصدًا، وكذا الخلفاء الراشدون، فتنبّه، والله
تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [56/ 3173] (1312)، و (البخاريّ) في "الحجّ"
(1766)، و (الترمذيّ) في "الحجّ" (922)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (4209)،
و(ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (3/ 191)، و (الحميديّ) في "مسنده" (498)،
و(أحمد) في "مسنده" (1/ 221 و 351 و 369)، و (الدارميّ) في "سننه"
(1877)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (2989)، والله تعالى أعلم بالصواب،
وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب
قال:
[3174] (1313) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،
وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، جَمِيعًا عَن ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ