وحَكَى أبو عمرو ابن الحاجب عن مالك، أنه وَسَّعَ في النزول بالمحصَّب

على من لا يقتدي به، وكان يفتي به سرًّا، فحصل من ذلك أربعة مذاهب:

إنكاره، واستحبابه نسكًا، أو غير نسك، والفرق بين المقتدي به وغيره.

قال العراقيّ رحمه الله: إذا تقرر أن نزول المحصب لا تعلّق له بالمناسك،

فهل لكل أحد أن ينزل فيه إذا مرّ به؟ يَحْتَمِل أن يقال باستحبابه مطلقًا، وَيحْتَمِل

أن يقال باستحبابه للجمع الكثير، وإظهار العبادة فيه إظهارًا لشكر الله تعالى

على رَدّ كيد الكفار، وإبطال ما أرادوه. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن القول باستحباب النزول بالمحصّب

مطلقًا هو الأرجح؛ اقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والخلفاء الراشدين، وقد أسلفت

تحقيقه في المسألة الماضية، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع

والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب

قال:

[3170] (1311) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَت: نُزُولُ

الْأَبْطَحِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ، إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِأَنَّهُ كَانَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ إِذَا

خَرَجَ).

رجال هذا الإسناد: ستة:

1 - (أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) تقدّم قبل باب.

2 - (أَبُو كُرَيْبٍ) محمد بن العلاء، تقدّم قبل بابين.

3 - (عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ) تقدّم قبل ثلاثة أبواب.

4 - (هِشَامُ) بن عروة، تقدّم قريبًا.

5 - (أَبُوهُ) عروة بن الزبير، تقدّم أيضًا قريبًا.

6 - (عَائِشَةُ) بنت الصدّيق -رضي الله عنهما-، تقدّمت أيضًا قريبًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015