والجمهور استحبابه، وأجمعوا على أن من تركه لا شيء عليه. انتهى.
لكنه في "شرح المهذَّب" حَكَى عن القاضي عياض، أنه قال: النزول
بالمحصَّب مستحب عند جميع العلماء، وهو عند الحجازيين آكد منه عند
الكوفيين، وأجمعوا على أنه ليس بواجب. انتهى، ولم يعترضه في نقل
الاتفاق، وأخذ ذلك منه الحافظ زكيّ الدين عبد العظيم، فقال: وهو مستحب
عند جميع العلماء، قال الحافظ العراقيّ في "شرح الترمذيّ": وفيما قاله نظرٌ؛
فإن الترمذيّ حَكَى استحبابه عن بعض أهل العلم، ثم حَكَى كلام النوويّ
المتقدم، ثم قال: وهذا هو الصواب.
وقال ابن عبد البرّ في "الاستذكار": هو عند مالك، وجماعة من أهل
العلم مستحبّ، إلا أنه عند مالك والحجازيين آكد منه عند الكوفيين، والكل
مجمع على أنه ليس من مناسك الحج، وأنه ليس على تاركه فدية ولا دم،
والظاهر أن القاضي عياضًا إنما أخذ كلامه المتقدم من ابن عبد البرّ، وسقطت
عليه لفظة: "مِنْ"، فبقي: وجماعة أهل العلم، والخلاف في ذلك موجود،
على أن بعض العلماء أوَّل كلام من أنكره، على أنه أنكر كونه من المناسك،
لا أصل استحبابه، فحَكَى الترمذيّ عن الشافعيّ أنه قال: نزول الأبطح ليس
من النسك في شيء، إنما هو منزل نزله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال العراقيّ في
"شرح الترمذيّ: قول ابن عباس: ليس التحصيب بشيء، أي ليس بشيء من
المناسك، كما هو مُفَسَّر في كلام الشافعيّ، فقد وعدهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن ينزل به،
كما في حديث أبي هريرة، وأسامة -رضي الله عنهما-.
وقال ابن المنذر في كلام عائشة -رضي الله عنها- المتقدم: فدل قولها هذا على أن
نزول المحصَّب ليس من المناسك، ولا شيء على من تركه، من فدية، ولا
غيرها.
وحَكَى ابن عبد البرّ في الكلام عن حديث بطحاء ذي الحليفة عن بعض
أهل العلم، أنه جعله من المناسك التي ينبغي للحاج نزولها، والمبيت فيها،
وكلام صاحب "الهداية" من الحنفية يقتضي أنه من المناسك، فإنه صحح أن
النزول به كان قصدًا أرى للمشركين لطيفَ صنع الله به، وقال: فصار سنةً،
كالرمل في الطواف.