والحاصل أنه لا تناقض بين هذه الروايات؛ إذ يُجمَع بينها بأنه - صلى الله عليه وسلم - ناول
أبا طلحة كُلّاً من الشقين، فأما الأيمن فوزّعه أبو طلحة بأمره - صلى الله عليه وسلم -، وأما الأيسر
فأعطاه لأم سليم زوجته بأمره - صلى الله عليه وسلم - أيضاً فيكون الضمير في قوله: "فاقسمه بين
الناس" في هذه الرواية يعود على الشق الأيمن، فتنبّه.
والحديث سبق تمام الكلام فيه فيما قبله، والله تعالى أعلم بالصواب،
وإليه المرجع والمآب.
(54) - (بَابُ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ النَّحْرِ، أَوْ نَحَرَ قَبْلَ الرَّمْيِ)
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللهُ- المذكور أولَ الكتاب
قال:
[3157] (1306) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَن
ابْنِ شِهَاب، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ، قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ، يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَ
رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَمْ أَشْعُرْ، فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، فَقَالَ: "اذْبَحْ، وَلَا
حَرَجَ"، ثُمَّ جَاءهُ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَمْ أَشْعُرْ، فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ،
فَقَالَ: "ارْمِ، وَلَا حَرَجَ"، قَالَ: فَمَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ، وَلَا أُخِّرَ،
إِلا قَالَ: "افْعَلْ، وَلَا حَرَجَ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (يَحْيَى بْنُ يَحْيَى) التميميّ، تقدّم قبل باب.
2 - (مَالِكُ) بن أنس إمام دار الهجرة، تقدّم أيضاً قبل باب.
3 - (ابْنُ شِهَابٍ) الزهريّ، تقدّم قريباً.
4 - (عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ) التيميّ، أبو محمد المدنيّ، ثقةٌ
فاضلٌ، من كبار [3] (ت 100) (ع) تقدم في "الطهارة" 8/ 570.