وقوله: (وَقَالَ بِيَدِهِ عَنْ رَأسِهِ) أي أشار بيده على رأسه، ففيه إطلاق

القول على الفعل، وقوله: "عن رأسه" وفي نسخة: "على رأسه".

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله قبل حديث،

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[3156] ( ... ) -إ وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ

حَسَّانَ، يُخْبِرُ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا رَمَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -

الْجَمْرَةَ، وَنَحَرَ نُسُكَهُ، وَحَلَقَ نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الْأَيمَنَ، فَحَلَقَهُ، ثمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ

الْأنصَارِيَّ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرَ، فَقَالَ: "احْلِقْ"، فَحَلَقَهُ، فَأَعْطَاهُ أَبَا

طَلْحَةَ، فَقَالَ: "اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

1 - (ابْنُ أَبِي عُمَرَ) هو: محمد بن يحيى بن أبي عمر الْعَدَنيّ، تقدّم

قريباً.

2 - (سُفْيَانُ) بن عيينة، تقدّم أيضاً قريباً.

والباقون ذُكروا قبله.

وقوله: (لَمَّا رَمَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْجَمْرَةَ) أي جمرة العقبة، وهي الجمرة

الكبرى.

وقوله: (وَنَحَرَ نُسُكَهُ) - بسكون السين ويضم - جمع نسيكة وهي الذبيحة،

والمراد بُدنه - صلى الله عليه وسلم -، وقد نحر بيده الكريمة ثلاثاً وستّين بدنةً، وأمر عليّاً أن ينحر

بقيّة المائة، كما تقدّم في حديث جابر - رضي الله عنه - الطويل في صفة حجة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: (وَحَلَقَ) أي أراد حلق رأسه.

وقوله: (فَقَالَ: "اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ") الضمير يرجع إلى شعر الشق

الأيمن، لا الأيسر بدليل الروايات الأخرى، والحاصل أنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى أبا طلحة

شعر الشقّين، وأمره أن يقسم الشقّ الأيمن بين الناس، ويُعطي الشق الأيسر أم

سليم - رضي الله عنه -، وهو الذي دلّت عليه الروايات المتقدّمة، فلا بدّ من تأويل هذه

الرواية بما يتّفق مع الروايات الأخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015