وقال ابن بطال -رَحِمَهُ اللهُ-: رمي جمرة العقبة من حيث تيسر من العقبة من
أسفلها أو أعلاها أو وسطها، كل ذلك واسع، والموضع الذي يُختار بها بطن
الوادي من أجل حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، وكان جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - يرميها
من بطن الوادي، وبه قال عطاء، وسالم، وهو قول الثوريّ، والشافعيّ،
وأحمد، وإسحاق، وقال مالك: رميها من أسفلها أحب إليّ، وقد روي عن
عمر - رضي الله عنه - عنه أنه جاء، والزحام عند الجمرة، فصَعِدَ، فرماها من فوقها، ذكره
في "العمدة" (?).
3 - (ومنها): جواز الحلف للتأكيد، وإن لم يُستَحْلَف.
4 - (ومنها): أن الرمي يكون بسبع حصيات، لا بأقلّ من ذلك، قال
النوويّ: وهو مجمع عليه، وقد ترجم البخاريّ -رَحِمَهُ اللهُ- لحديث ابن مسعود - رضي الله عنه -
هذا: "باب رمي الجمار بسبع حصيات"، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: أشار في الترجمة
إلى رَدِّ ما رواه قتادة عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، قال: ما أبالي رميت الجمار بست أو
سبع، وقد أنكر ذلك ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقتادة لم يسمع من ابن عمر، أخرجه
ابن أبي شيبة من طريق قتادة، وروي من طريق مجاهد: من رمى بست فلا
شيء عليه، ومن طريق طاوس: يتصدق بشيء، وعن مالك والأوزاعي: من
رمى بأقل من سبع وفاته التدارك يجبره بدم، وعن الشافعية في ترك حصاة مُد،
وفي ترك حصاتين مُدّان، وفي ثلاثة فأكثر دم. وعن الحنفية: إن ترك أقل من
نصف الجمرات الثلاث فنصف صاع وإلا فدم. انتهى (?)، وسيأتي تمام البحث
في هذا في المسألة التالية - إن شاء الله تعالى -.
5 - (ومنها): استحباب التكبير مع كل حصاة، وهو مذهب العلماء كافّةً،
قال القاضي عياض: وأجمعوا على أنه لو ترك التكبير لا شيء عليه.
6 - (ومنها): أنه استُدلّ به على اشتراط رمي الجمرات واحدةً واحدةَ؛
لقوله: "يُكبّر مع كلّ حصاة"، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني مناسككم"، وخالف
في ذلك عطاء، وصاحبه أبو حنيفة، فقالا: لو رَمَى السبع دفعة واحدة أجزأه.