فصار: أي أمّت، بفتح التاء وكسرها، ثم لحقتها ألف، ثم هاء السكت، وهي
ساكنة، والظاهر أن ضمها في النسخ غلطٌ، قال في "الخلاصة":
وَفِي النِّدَا أَبَتَ أَمَّتَ عَرَضْ ... وَاكْسِرْ أَوِ افْتَحْ وَمِنَ الْيَا التَّا عِوَضْ
قال في "الفتح": وقول عروة لهذا بالمعنى الأخصّ؛ لكونها خالته،
وبالمعنى الأعمّ؛ لكونها أم المؤمنين. انتهى (?).
(أَلَا تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ) "ما" هنا اسم موصول مفعول به
لـ"تسمعين" (قَالَتْ: وَمَا يَقُولُ) و"ما" هنا استفهاميّة، أي: أيّ شيء يقوله
(قُلْتُ: يَقُولُ اعْتَمَرَ النَّبِي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَجَبٍ، فَقَالَتْ: يَغْفِرُ اللهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ)
وفي الرواية التالية: "يرحم الله أبا عبدًا لرحمن"، هو عبد الله بن عمر، ذكرته
بكثيته؛ تعظيمًا له، ودعت له إشارة إلى أنه نسي (?). (لَعَمْرِي) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -:
هذا دليلٌ على جواز قول الإنسان: لعمري، وكرهه مالك؛ لأنه من تعظيم
غير الله تعالي، ومضاهاته بالحلف بغيره. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن مثل هذا لا يُراد به الحلف، وإنما هو
كقولهم: ما له تربت يداه، وعقرى حلقي، وأما لو أريد به الحلف فلا يجوز؛
لأنه حلف بغير الله تعالي، فافهم، والله تعالى أعلم.
(مَا) نافية (اعْتَمَرَ)؛ أي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِي رَجَبٍ)؛ أي لَمْ يعتمر النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
في شهر رجب أصلًا (وَمَا) نافية أيضًا (اعْتَمَرَ مِنْ عُمْرَةٍ) "من" زائدة، كما قال
في "الخلاصة":
وَزِيدَ فِي نَفيٍ وَشِبْهِهِ فَجَرْ ... نَكِرَةً كَمَا لِبَاغٍ مِنْ مَفَرْ
(إِلَّا وَإِنَّهُ)؛ أي ابن عمر (لَمَعَهُ)؛ أي مع النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا قالته مبالغة في
نسبته إلى النسيان، ولم تُنكر عائشة - رضي الله عنها - على ابن عمر إلَّا قوله: إحداهنّ في
رجب (قَالَ) عروة (وَابْنُ عُمَرَ يَسْمَعُ) جملة في محلّ نصب على الحال (فَمَا)
نافية (قَالَ: لَا) نفيًا لردّها عليه (وَلَا نعَمْ) موافقَةً لها (سَكَتَ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -:
سكوت ابن عمر على إنكار عائشة - رضي الله عنهما - يدلّ على أنه كان اشتبه عليه، أو نَسِي،
أو شكّ.