وقوله: ({وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}) معناه: أي لا تقتلوا النفس التي هي معصومة في الأصل إلَّا مُحِقِّين في قتلها، وقيل: معنى {إِلَّا بِالْحَقِّ}: أي ما يَحِقّ أن تُقتَل به النفوس، مِن كُفْر بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان (?).
وقوله: ({وَلَا يَزْنُونَ}) أي يستحلون الفروج بغير نكاح، ولا ملك يمين، قال القرطبيّ: دَلّت هذه الآية على أنه ليسس بعد الكفر أعظم من قتل النفس بغير الحق، ثم الزني، ولهذا ثبت في حد الزنى القتل لمن كان محصنًا، أو أقصى الجلد لمن كان غير محصن. انتهى (?).
وقوله: ({وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}) قيل: معناه جزاءَ إثمه، وهو قول الخليل، وسيبويه، وأبي عمرو الشيبانيّ، والفراء، والزجاج، وأبي عليّ الفارسيّ، وقيل: معناه عقوبةً، قاله يونس، وأبو عبيدة، وقيل: معناه جزاءً، قاله ابن عباس، والسديّ، وقال أكثر المفسرين، أو كثيرون منهم: هو وادٍ في جهنم، عافانا الله الكريم، وأحبابنا منها، قاله النوويّ (?).
وقال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله تعالى، في "تفسيره" 13/ 75:
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} إخراجٌ لعباده المؤمنين من صفات الكفرة في عبادتهم الأوثان، وقتلهم النفس بِوَاد البنات وغير ذلك من الظلم، والاغتيال، والغارات، ومن الزنى الذي كان عندهم مباحًا، وقال من صرف هذه الآية عن ظاهرها من أهل المعاني: لا يليق بمن أضافهم الرَّحمن إليه إضافةَ الاختصاص، وذكرهم ووصفهم من صفات المعرفة والتشريف وقوعُ هذه الأمور القبيحة منهم، حتى يُمدَحوا بنفيها عنهم؛ لأنهم أعلى وأشرف، فقال: معناها: لا يدعون الهوى إلهًا، ولا يُذِلّون أنفسهم بالمعاصي، فيكون قتلًا لها، ومعنى {إِلَّا بِالْحَقِّ} أي بسكين الصبر، وسيف المجاهدة، فلا ينظرون إلى نساء ليست لهم بمحرم بشهوة، فيكون سفاحًا، بل بالضرورة، فيكون كالنِّكَاح، قال شيخنا أبو العباس: وهذا كلام رائقٌ، غير أنه