مَزَتْ بِهِ ظُعُنٌ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الظُّعُنُ بضمّ الظاء، والعين، ويجوز إسكان
العين: جميع ظَعِينة، كسَفِينة وسُفُن، وأصل الظَّعِينة البعير الذي عليه امرأة، ثم
تُسَمَّى به المرأة مجازاً؛ لملابستها البعير، كما أن الراوية أصلها الجمل الذي
يَحْمِل الماء، ثم تُسَمَّى به القِرْبة؛ لما ذكرناه. انتهى (?).
وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: ظَعَنَ ظَعْناً، من باب نَفَعَ: ارتحَلَ، والاسم ظَعَن
بفتحتين، ويتعدّى بالهمزة، وبالحرف، فيقال: أظعنته، وظَعَنْتُ به، والفاعل
ظاعنٌ، والمفعول مظعونٌ، والأصل مظعون به، ولكن حُذِفت الصلة؛ لكثرة
الاستعمال، وباسم المفعول سُمّي الرجل، ويقال للمرأة: ظَعِينةٌ، فَعِيلةٌ بمعنى
مفعولة؛ لأن زوجها يَظْعَن بها - أي: يَرْحَل بها - ويقال: الظَّعِينة: الْهَوْدَجُ،
وسواء كان فيه امرأة أم لا، ويقال: الظَّعِينة في الأصل وصفٌ للمرأة في
هَوْدجها، ثمّ سُمّيت بهذا الاسم، وإن كانت في بيتها؛ لأنها تصير مظعونةً.
انتهى (?).
(يَجْرِينَ) بضمّ حرف المضارعة، من الإجراء؛ أي: يُجرين رواحلهنّ، أو
بفتحها، من الجري؛ أي: يُسرعن في سيرهنّ (فَطَفِقَ) من بابي فَرِحَ، وضَرَبَ،
طَفْقاً وطُفُوقاً؛ أي: شرع، وأخذ (الْفَضْلُ) - رضي الله عنه - (يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ) أي: إلى الظُّعُن
(فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ) أي: ليمنعه من النظر إليهنّ، قال
النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: فيه الحثّ على غضّ البصر عن الأجنبيات، وغضهنّ عن الرجال
الأجانب، وهذا معنى قوله: "وكان أبيضَ وَسِيماً حَسَنَ الشعر"، يعنى أنه بصفة
مَن تُفْتَتن النساء به؛ لحسنه، وفي رواية الترمذيّ وغيره في هذا الحديث: أن
النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَوَى عنق الفضل، فقال له العباس: لَوَيتَ عنق ابن عمك؟ قال:
"رأيت شابّاً وشابّة، فلم آمن الشيطان عليهما"، فهذا يدلُّ على أن وضعه - صلى الله عليه وسلم -
يده على وجه الفضل، كان لدفع الفتنة عنه وعنها، وفيه أن من رأى منكراً،
وأمكنه إزالته بيده لزمه إزالته، فان قال بلسانه، ولم ينكَفّ المقول له، وأمكنه
بيده، أثم ما دام مقتصراً على اللسان، والله أعلم. انتهى (?).