الشافعيّة - قولان: الأصحّ وجوبه، والمعتمد فيه أدنى جزء بعد نصف الليل إلى
طلوع الفجر، هذا المشهور، وللشافعيّ قول آخر إلى طلوع الشمس، فمن كان
بها فيه فلا شيء عليه، وإن لم يكن قبله، ومن دفع قبله فعليه دم على الأصحّ.
انتهى.
وقال ابن عابدين من الحنفيّة: الوقوف عند المشعر الحرم واجب عندنا
لا سنّة، والبيتوتة بمزدلفة سنّة مؤكّدة إلى الفجر، لا واجبة، خلافاً للشافعيّ
فيهما، كما في "اللباب". انتهى (?).
(فَدَفَعَ) أي: ذهب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى منىأ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ) هذا صريخ
في أنه - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى منى قبل طلوع الشمس، وبه أخذ الجمهور، قال
النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: اختلفوا في وقت الدفع من المشعر الحرام، فقال ابن مسعود،
وابن عمر، وأبو حنيفة، والشافعيّ، وجماهير العلماء: لا يزال واقفاً فيه،
يدعو، ويذكر حتى يُسْفِر الصبح جدّاً، كما في هذا الحديث، وقال مالك:
يَدْفَع منه قبل الإسفار. انتهى (?).
وقال الطبريّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قال أهل العلم: وهذه سنّة الإسلام أن يدفع من
المزدلفة عند الإسفار قبل طلوع الشمس، قال طاوس -رَحِمَهُ اللهُ-: كان أهل
الجاهليّة: يدفعون من عرفة قبل أن تغيب الشمس، ومن المزدلفة بعد أن تطلع
الشمس، ويقولون: أَشْرِق ثَبِير كيما نُغِير، فأخّر الله هذه، وقدّم هذه، قال
الشافعيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: يعني قدّم المزدلفة قبل طلوع الشمس، وأخّر عرفة إلى أن تغيب
الشمس. انتهى.
وقوله: (وَأَرْدَفَ) يَحتمل أنه معطوف على "دَفَع"، أو حال من فاعل
"دفَعَ"، بتقدير "قد"؛ أي: وقد أردف (الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ) بن عبد المطّلب - رضي الله عنهما -؛
أي: أركبه خلفه بدل أُسامة بن زيد - رضي الله عنهما - (وَكَانَ) أي: الفضل (رَجُلاً حَسَنَ
الشَعْرِ، أَبْيَضَ) اللون (وَسِيماً) بفتح الواو، وكسر السين المهملة؛ أي: حسناً،
يقال: وَسُمَ بالضمّ وَسَامةً: حَسُن وجهه، وهو وَسِيمٌ (?). (فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -