لأنه - صلى الله عليه وسلم - بات بها، وأما شهود صلاة الصبح، والوقوف بعدها إلى أن يدفع

الإمام، فواجب إلا لأهل الأعذار؛ لحديث عروة بن مضرّس - رضي الله عنه - المذكور

آنفاً، فإنه - صلى الله عليه وسلم - ذكره لصحة الحج، وتمامه، فقال: "من شهِد صلاتنا هذه،

فوقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً، أو نهاراً، فقد تمّ

حجه، وقضى تفثه"، فما ذكر المبيت بها لتمام الحجّ، وإنما ذكر الوقوف

بعرفة، وشهود صلاة الصبح بالمزدلفة، والدفع معه، وقد أوجبت الآية

المذكورة الذكر عند المشعر الحرام، فأفادت أن الوقوف به من واجبات الحجّ،

فتأمل بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب.

(وَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ) أي: ظهر (لَهُ الصُّبْحُ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: فيه

أن السنّة أن يبالغ بتقديم صلاة الصبح في هذا الموضع، ويتأكّد التبكير بها في

هذا اليوم أكثر من تأكّده في سائر السّنَة؛ للاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولأن

وظائف هذا اليوم كثيرةٌ، فسُنّ المبالغة في التبكير للصبح ليتّسع الوقت

للوظائف. انتهى.

وقال القرطبىّ -رَحِمَهُ اللهُ-: فيه سُنَّة المبيت بالمزدلفة، وصلاة الصبح بها

بغلس، وسيأتي أنه - صلى الله عليه وسلم - أرخص لبعض نسائه في النَّفْر منها إلى منى قبل طلوع

الفجر، وفيه: الأذان في السفر؛ خلافاً من قال: يقتصر المسافر على الإقامة.

انتهى (?).

(باذَانٍ) واحد (وَإِقَامَةٍ) واحدة، وهذا لا خلاف فيه، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-:

يُسَنّ الأَذان والإقامة لهذه الصلاة، وكذلك غيرها من صلوات المسافر، وقد

تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالأذان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -في السفر كما في

الحضر، والله أعلم. انتهى.

(ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ) أي: ناقته - صلى الله عليه وسلم -، وففيه أن السنة الركوب، وأنه أفضل

من المشي، وقد سبق بيانه مرات، وبيان الخلاف فيه.

(حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ) زاد في رواية أبي داود، وابن ماجه، وابن

الجارود، والبيهقيّ: "فَرَقِي عليه"، و"المشعر" بفتح الميم، والعين المهملة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015