بعرفات. هذا قول علقمة، والأسود، والشعبيّ، والنخعيّ، والحسن البصريّ،

وبه قال من الشافعيّة ابن بنت الشافعيّ، وأبو بكر بن خزيمة، واحتجّ لهم بقوله

تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198]، وبالحديث

المرويّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "من فاته المبيت بالمزدلفة، فقد فاته الحجّ".

وأجيب بأن الأمر في الآية إنما هو الذكر، وليس هو بركن بالإجماع،

وأما الحديث فليس بثابت، ولا معروف، ولو صحّ لحمل على فوات كمال

الحجّ، لا فوات أصله.

قال: واحتجّ أصحابنا بحديث عروة بن مضرّس - رضي الله عنه -، قال: أتيت

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمزدلفة حين خرج للصلاة، فقلت: يا رسول الله، إني جئت

من جبل طيّء، أكللت مطيّتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا

وقفت عليه، فهل لي من حجّ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شهِد صلاتنا هذه،

فوقف معنا حتكاندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً، أو نهاراً، فقد تمّ

حجه، وقضى تفثه"، رواه أبو داود، والترمذيّ، والنسائيّ، وابن ماجه،

وغيرهم بأسانيد صحيحة، قال الترمذيّ: هو حديث حسنٌ صحيح. انتهى كلام

النوويّ بتصرّف (?).

وقال العينيّ: وقال الشافعيّ: يحصل المبيت بساعة في النصف الثاني من

الليل، دون الأول، وعن مالك: النزول بالمزدلفة واجب، والمبيت بها سنة،

وكذا الوقوف مع الإمام سنة. وقال أهل الظاهر: من لم يدرك مع الإمام صلاة

الصبح بالمزدلفة بطل حجه، بخلاف النساء والصبيان، والضعفاء. وقال

الحنفية: لو ترك الوقوف بها بعد الصبح من غير عذر فعليه دم، وإن كان بعذر

الزحام، فتعجل السير إلى منى، فلا شيء عليه، والمأمور في الآية الكريمة

الذكر، دون الوقوف، ووقت الوقوف بالمشعر الحرام.

بعد طلوع الفجر من يوم النحر إلى أن يسفر جدّاً. وعن مالك: لا يقف

أحد إلى الإسفار، بل تدفعون قبل ذلك. انتهى كلام العينيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الأرجح عندي أن المبيت بالمزدلفة سنة؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015