إقامة، وكذا رواه طلق بن حبيب، وابن سيرين، ونافع عن ابن عمر من فعله.
والذي قال بإقامة واحدة قال بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - يعني
المذكور في الباب، وكذا رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعاً عند مسلم، والذي قال
بإقامة للمغرب، وإقامة للعشاء قال بحديث أسامة، وكذا فعله عمر بن
الخطّاب - رضي الله عنه -.
فهذه الأحاديث التي رويت كلها مسندة، قاله ابن حزم، وقال: أشدّ
الاضطراب في ذلك عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، فإنه روي عنه من فعله الجمع بينهما
بلا أذان، ولا إقامة، وروي عنه أيضًا بإقامة واحدة، وروي عنه موقوفاً بأذان
واحد، وإقامة واحدة، وروي عنه مسندأ الجمع بينهما بإقامتين، وروي عنه
مسنداً بأذان واحد، وإقامة واحدة، قال: وهنا قول سادس لم نجده مرويّاً عن
النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو ما رويناه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه صلى المغرب والعشاء
بالمزدلفة كل واحد منهما بأذان وإقامة، ذكره العينيّ في "شرح البخاريّ".
وقد مال البخاريّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "صحيحه" إلى ما ذهب إليه ابن مسعود - رضي الله عنه -،
فقال: "باب من أذن، وأقام لكل واحدة منهما" قال: حدّثنا عمرو بن خالد،
حدّثنا زهير، حدّثنا أبو إسحاق، قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد، يقول:
"حج عبد الله - رضي الله عنه -، فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة، أو قريباً من ذلك،
فأمر رجلاً، فاذن، وأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا
بعشائه، فتعشى، ثم أمر رجلاً فأذن، وأقام ... " الحديث.
قال في "الفتح": وفي هذا الحديث مشروعية الأذان والإقامة لكل من
الصلاتين إذا جمع بينهما، قال ابن حزم: لم نجده مرويّاً عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولو
ثبت عنه لقلت به، ثم أخرج من طريق عبد الرزاق، عن أبي بكر بن عياش،
عن أبي إسحاق في هذا الحديث: قال أبو إسحاق: فذكرته لأبي جعفر،
محمد بن علي، فقال: أما نحن أهلَ البيت، فهكذا نصنع.
قال ابن حزم: وقد رُوي عن عمر من فعله.
قال الحافظ: أخرجه الطحاويّ بإسناد صحيح عنه، ثم تأوله بأنه محمول
على أن أصحابه تفرقوا عنه فأَذَّن لهم ليجتمعوا، ليجمع بهم، ولا يخفى تكلفه،
ولو تأتى له ذلك في حق عمر، لكونه كان الإمام الذي يقيم للناس حجهم، لم