قال: واعلم أن المزدلفة كلها من الحرم، قال الأزرقيّ في "تاريخ مكة"،

والماورديّ، وأصحابنا في كتب المذهب، وغيرهم: حَدُّ مزدلفة ما بين مأْزَمَي

عرفة، ووادي مُحَسِّر، وليس الحدان منها، ويدخل في المزدلفة جميع تلك

الشعاب، والجبال الداخلية في الحدّ المذكور. انتهى (?).

وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ-: وسمِّيت المزدلفة بذلك؛ لاقتراب الناس بها إلى منى

بعد الإفاضة من عرفات، والازدلاف: القرب، يقال: ازدلف القوم؛ إذا

اقتربوا، وقال ثعلب: لأنها منزلة قربة لله تعالى، وقال الهروي: سُمِّيت بذلك:

لازدلاف الناس بها، والازدلاف: الاجتماع، وقيل: سُمِّيت بذلك: للنزول بها

بالليل، وزلف الليل: ساعاته، وتسمَّى أيضًا المزدلفة: بالمشعر؛ لأنها من

المشاعر، وهي المعالم، والصواب: أن المشعر موضع مخصوص من المزدلفة،

وهو الذي كانت الْحُمْسُ تقف فيه، ولا تتعداه، وتَكْتَفِي بالوقوف فيه عن عرفة.

وسُمِّيت منى بذلك: لما يُمنى فيها من الدماء؛ أي: يراق. وقيل: لأن

آدم تَمَنَّى الاجتماع مع حواء فيها.

وسُمِّيت عرفة بذلك: لأن جبريل عرَّف بها آدم، فقال: عرفت عرفت،

وقيل: سميت عرفة لأن آدم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تعزف فيه بحواء بعد إنزالهما إلى الأرض،

وهي المعرَّف، والتعريف: الوقوف بها. انتهى (?).

(فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ) أي: جمع بينهما في وقت العشاء (بِأَذَانٍ

-وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ) أي: لكل واحدة منهما.

[تنبيه]: اختلف العلماء في الأذان والإقامة للصلاتين المذكورتين على

ستة أقوال؛ لاختلاف الآثار في ذلك:

(أحدها): أنه يقيم لكلّ منهما، ولا يؤذّن لواحدة منهما، وهو قول

القاسم ابن محمد، وسالم، وهو إحدى الروايتين عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، وبه قال

إسحاق ابن راهويه، وأحمد بن حنبل في أحد القولين عنه، وهو قول الشافعيّ،

وأصحابه فيما حكاه الخطّابيّ، والبغويّ، وغير واحد، وقال النوويّ في "شرح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015