الجوهريّ: قال أبو عبيد: الْمَوْرِك، والمورِكة - يعني بفتح الميم، وكسر الراء -:
هو الموضع الذي يَثْنِي الراكب رجله عليه قُدّام واسطة الرحل إذا مَلَّ من
الركوب، وضبطه القاضي بفتح الراء، قال: وهو قطعة أَدَم يتورك عليها الراكب،
تُجْعَل في مُقَدَّم الرحل، شِبْهُ الْمِخَدَّة الصغيرة، وفي هذا استحباب الرفق في
السير من الراكب بالمشاة، وبأصحاب الدواب الضعيفة، قاله النوويّ (?).
(وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى) أي: يشير بها، ففيه إطلاق القول على الفعل ("أيُّهَا
النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ") بالتكرار مرّتين للتأكيد، منصوباً على الإغراء؛ أي:
الزموا السكينة، وهي الرفق، والطمأنينة، وعدم الزحام، وفيه أن السكينة في
الدفع من عرفات سنةٌ، فإذا وجد فُرْجة يسرع، كما ثبت في الحديث الآخر،
(كُلَّمَا أَتَى حَبْلاً مِنْ الْحِبَالِ) بالحاء المهملة المكسورة جمع حَبْل، وهو
التَّلُّ اللطيف من الرمل الضخم، وقد تقدّم قريباً (أَرْخَى لَهَا قَلِيلاً) أي: أرخى
للقصواء الزمام إرخاءً قليلاً، أو زماناً قليلاً (حَتَّى تَصْعَدَ) بفتح حرف
المضارعة، والعين، من باب تَعِبَ صُعُوداً؛ أي: إلى أن تَعْلُو، فـ "حتى" غاية
للإرخاء، وجوّز النوويّ ضمّ حرف المضارعة، مِن أصعد، قال: ومنه قوله
تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ} [آل عمران: 153]، وفيه نظر؛ لأن الإصعاد معناه
الإبعاد في الأرض، وليس مراداً هنا، بل المراد العُلوّ، فتأمل. (حَتَّى أَتَى
الْمُزْدَلِفَةَ) أي: إلى أن وصل إلى المزدلفة المكان المعروف.
وأصل المزدلفة: مزتلفة، فأبدل التاء دالاً؛ لقرب المخرج، كما قال في
"الخلاصة":
طَا تَا افْتِعَالي رُدَّ إِثْرَ مُطْبَقِ ... فِي ادَّانَ وَازْدَدْ وَادَّكِرْ دَالاً بَقِي
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وأما المزدلفة فمعروفة، سُمِّيت بذلك، من التزلف،
والازدلاف، وهو التقرب؛ لأن الحجاج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها،
وتقربوا منها، وقيل: سميت بذلك لمجيء الناس إليها في زُلَفٍ من الليل؛ أي:
ساعات، وتسمى جَمْعاً بفتح الجيم، دياسكان الميم، سُمِّيت بذلك؛ لاجتماع
الناس فيها.