كلّه وقت للوقوف كالليل، فمن وقف في أي جزء من أجزاء النهار، أو الليل

فقد أدرك الوقوف، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(وَجَعَلَ) - صلى الله عليه وسلم - (حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ) "الحبل" بفتح الحاء المهملة،

وسكون الباء الموحّدة، ثم لام: هو المستطيل من الرمل، وقيل: هو التَّلّ

الضخم منه، والْمُشاة بضمّ الميم: جمع ماشٍ، وأُضيف الحبل إليهم؛

لاجتماعهم هناك من الموقف، والمراد به صفّ المشاة، ومُجتمعهم في مشيهم

تشبيهاً بحبل الرمل، وقيل: أراد طريقهم الذي يسلكونه في الرمل.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: رُوي حَبْل بالحاء المهملة، وإسكان الباء، ورُوي

جبل بالجيم وفتح الباء، قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللهُ-: الأول أشبه بالحديث،

وحَبْلُ المشاة أي: مُجتمعهم، وحبلُ الرَّمْل: ما طال منه، وضَخُم، وأما

بالجيم فمعناه طريقهم، وحيث تسلك الرَّجَّالة. انتهى.

وتعقّبه الوليّ العراقي بأن ما ذكره من رواية هذه اللفظة بوجهين، وترتيب

هذين المعنيين على هذين الوجهين لم أره في كلام القاضي، لا في "الإكمال"،

ولا في "المشارق"، ولا في كلام غيره أيضاً. انتهى.

وقال الطبريّ: حبل المشاة بالحاء المهملة المفتوحة، والموحّدة الساكنة،

ثم لام أي: صفّهم، ومُجتمعهم في مشيهم، فكأنه عبّر بحبل المشاة عن المشاة

أنفسهم، وقد ضبطه بعضهم بالجيم، وصححه شيخنا ابن الصلاح في "منسكه"،

قال: وبه شَهِدت المشاهدة، وذكره بعض من صنّف في الأمكنة المتعلّقة

بالحجيج، وهو الظاهر. انتهى (?).

(وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ) فيه أنه يستحبّ استقبال القبلة في الوقوف بعرفة (فَلَمْ

يَزَلْ) - صلى الله عليه وسلم - (وَاقِفاً) بعرفة (حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلاً) أي: ذهاباً

قليلاً (حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ) أي: قرص الشمس، وهو بضمّ، فسكون: عينها،

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هكذا هو في جميع النسخ، وكذا نقله القاضي عن جميع

النسخ، قال: قيل: لعل صوابه حين غاب القرص. انتهى كلام القاضي.

قال النوويّ: ويَحْتَمِل أن الكلام على ظاهره، ويكون قوله: "حتى غاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015