بصعود الجبل، وتوهمهم أنه لا يصح الوقوف إلا فيه فغلط، بل الصواب جواز

الوقوف في كل جزء من أرض عرفات، وأن الفضيلة في موقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

عند الصخرات، فإن عجز فليقرب منه بحسب الإمكان، وسيأتي في آخر

الحديث بيان حدود عرفات -إن شاء الله تعالى- عند قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وعرفة كلها

موقف".

ومنها: استحباب استقبال الكعبة في الوقوف.

ومنها: أنه ينبغي أن يبقى في الوقوف حتى تغرب الشمس، ويتحقق كمال

غروبها، ثم يفيض إلى مزدلفة، فلو أفاض قبل غروب الشمس صحّ وقوفه،

وحجه، ويجبر ذلك بدم، وهل الدم واجب أم مستحب؟ فيه قولان للشافعيّ:

أصحهما أنه سنة، والثاني واجب، وهما مبنيّان على أن الجمع بين الليل

والنهار واجب على من وقف بالنهار أم لا، وفيه قولان: أصحهما سنة،

والثاني واجب.

وأما وقت الوقوف فهو ما بين زوال الشمس يوم عرفة، وطلوع الفجر

الثاني يوم النحر، فمن حَصَل بعرفات في جزء من هذا الزمان صحّ وقوفه،

ومن فاته ذلك فاته الحجّ، هذا مذهب الشافعيّ، وجماهير العلماء، وقال

مالك: لا يصح الوقوف في النهار منفردًا، بل لا بد من الليل وحده، فإن

اقتصر على الليل كفاه، وإن اقتصر على النهار لم يصخ وقوفه، وقال أحمد:

يدخل وقت الوقوف من الفجر يوم عرفة، وأجمعوا على أن أصل الوقوف

ركنٌ، لا يصح الحج إلا به، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمهُ اللهُ.

قال الجامع عفا الله عنه: قول الإمام أحمد رحمهُ اللهُ: إن وقت الوقوف يدخل

بطلوع الفجر يوم عرفة هو الأرجح؟ لما أخرجه أحمد، والنسائيّ، وغيرهما

بإسناد صحيح عن عروة بن مُضَرِّس الطائيّ -رضي الله عنه- قال: جِئْتُ رسُولَ اللهِ في

الْمَوْقِفِ، فقلت: جِئْتُ يا رسُولَ اللهِ من جبلي -رضي الله عنه-، أَكْلَلْتُ مطيتي، وَأَتْعَبْتُ

نفسي، والله ما تَرَكْتُ من جبل إِلَّا وَقَفْتُ عليه، هل لي من حَجٍّ؟ فقال

رسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "من أَدْرَكَ مَعَنَا هذه الصَّلَاةَ، وَأَتَى عَرَفَاتٍ قبل ذلك لَيْلًا أو

نَهَارًا، تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ"، فقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ليلًا أو نهارًا" صريح في أن النهار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015