ذهب أبو حنيفة، والثوريّ، والشافعيّ، وأبو ثور، وأحمد في رواية، ومالك في
رواية، وبه قال ابن القاسم، وابن الماجشون، وابن المواز من المالكيّة.
[والقول الثاني]: بإقامتين من غير أذان، وروي ذلك عن ابن عمر، قال
ابن قُدامة في شرح قول الخرقيّ: وإن أذّن فلا بأس: كأنه ذهب إلى أنه مخيّر
بين أن يؤذّن للأولى، أو لا يؤذّن، وكذا قال أحمد؛ لأن كلًّا مرويّ عن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والأذان أولى، وهو قول الشافعيّ، وأبي ثور، وأصحاب
الرأي. انتهى.
[والقول الثالث]: بأذانين وإقامتين، وهو الأشهر من مذهب مالك، كما
في الجلاب، وهو المذكور في المدوّنة، وروي ذلك عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، قال
ابن قُدامة: واتّباع ما جاء في السنّة أولى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن من بيان هذه الأقوال، والنظر في أدلّتها
أن الصحيح هو المذهب الأول، وهو أنه يجمع بين الصلاتين بأذان واحد،
وإقامتين لكلّ صلاة؛ لأن أصحّ ما روي في هذا حديث جابر -رضي الله عنه- المذكور
هنا، وهو صريح في أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر والعصر بأذان وإقامتين، فتبصّر، والله
تعالى أعلم.
[تنبيه]: اشترط الحنفيّة للجمع بين الظهر والعصر بعرفة الجماعة، فيهما،
والإمام الأعظم، أو نائبه، بخلاف الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، فلم
يشترطوا له ذلك، وإليه ذهب الثوريّ، والنخعيّ، ولا يشترط ذلك مالك، ولا
الشافعيّ، ولا أحمد (?)، وهو الحقّ؛ لعدم ما يدلّ على الاشتراط المذكور،
فتبصّر، والله تعالى أعلم.
وقال الطبريّ: قوله: "ثمّ أذّن، ثم أقام" قال ابن المنذر: عرف جابر أن
وقت الأذان في يوم عرفة عند فراغ الإمام من خطبته، وقال الشافعيّ: يخطب
الخطبة الثانية مع استفتاح المؤذّن بالأذان، ويفرغ مع فراغه، ويستدلّ بحديث
رواه عن جابر، فذكر الحديث الذي قدّمناه، قال الطبريّ: وهذا يغاير حديث
مسلم من وجهين: أحدهما في وقت الأذان، والثاني في مكان الخطبة، فإن