مستعمل بـ "إلى"، فيكون النكت مجازًا عن الإشارة بقرينة "إلى"، وتقديره ما ذكر

من قوله: "يقلبها إلى الناس مشيرًا إليهم". انتهى كلام الطيبيّ رحمهُ اللهُ (?).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: "ينكُتُها": روايتي في هذه اللفظة، وتقييدي على من

أعتمده من الأئمة المقيّدين؛ بضم الياء، وفتح النون، وكسر الكاف مشدَّدة،

وضم الباء بواحدة؛ أي: يُعَدِّلها إلى الناس، وقد رويت: "يَنْكُبها" مفتوحة

الياء، ساكنة النون، وبضم الكاف؛ ومعناه: يقلبها، وهو قريب من الأول، وقد

رويت: "ينكُتُها" باثنتين فوقُ، وهي أبعدها. انتهى (?).

("اللَّهُمَّ اشْهَدْ) أي: على عبادك بأنهم قد أقرّوا بأني قد بلّغت، والمعنى:

اللهم اشهد أنت؛ إذ كفى بك شهيدًا.

وقال الزرقانيّ في "شرح المواهب": فإن قيل: ليس في هذه الخطبة ذكر

شيء من المناسك، فيَرُدّ ذلك على قول الفقهاء: يعلّمهم الخطيب ما يحتاجون

إليه إلى الخطبة الأخرى.

وأجيب بأنه -صلى الله عليه وسلم- اكتفى بفعله للمناسك عن بيانه بالقول؛ لأنه أوضح،

واعتنى بما أهمّه في الخطبة التي قالها، والخطباء بعده ليست أفعالهم قدوة،

ولا الناس يعتنون بمشاهدتها ونقلها، فاستُحبّ لهم البيان بالقول، قال: وفيه

حجة للمالكيّة وغيرهم أن خطبة عرفة فردة؛ إذ ليس فيه أنه خطب خطبتين.

وما روي في بعض الطرق أنه خطب خطبتين فضعيف، كما قاله البيهقيّ

وغيره.

روى الشافعيّ بسنده عن جابر -رضي الله عنه- قال: راح النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى الموقف

بعرفة، فخطب الناس الخطبة الأولى، ثم أذّن بلالٌ، ثم أخذ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في

الخطبة الثانية، ففرغ من الخطبة، وبلال من الأذان، ثم أقام بلالٌ، فصلى

الظهر، ثم أقام، فصلى العصر.

قال الشوكانيّ في "النيل": حديث جابر هذا أخرجه أيضًا البيهقيّ،

وقال: تفرّد به إبراهيم بن أبي يحيى، وفي حديث جابر الطويل الذي أخرجه

مسلم ما يدلّ على أنه -صلى الله عليه وسلم- خطب، ثم أذّن بلالٌ، ليس فيه ذكر أخذ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015