فيسألهم ربهم ... " الحديث، وغير ذلك، مما ورد في "الصحيحين"،

وغيرهما، من النصوص الدالّة على أن الله سبحانه وتعالى فوق عباده، استوى على

العرش، فهو في جهة العلو بلا شكّ، وقد بسطت الكلام في هذا في غير هذا

الموضع من هذا الكتاب وغيره، وبيّنت فيه أن قول القرطبيّ وغيره من

المتأخرين في نفي العلو لله تعالى، حتى قال قائلهم:

عَنْ جِهَاتِ السِّتِّ خالٍ

مخالف لمذهب السلف، فلا تلتفت إليه؛ إذ فيه الهلاكُ والتلف، فمذهب

السلف أعلم وأحكم، فتمسك به تسلم وتغنم، والله تعالى الهادي إلى الطريق

الأقوم.

(وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ) بفتح حرف المضارعة، وسكون النون، وضمّ

الكاف، بعدها تاء، من نَكَت الأرض بالقضيب ونحوه: إذا ضرب، فأثّر فيها،

وهذا بعيد من معنى الحديث، وقيل: مجاز من الإشارة بقرينة "إلى"، وفي

"المرقاة": "وينكتها إلى الناس"؛ أي: يشير بها إليهم، كالذي يضرب بها

الأرض، والنكت ضرب رأس الأنامل إلى الأرض، وفي نسخة صحيحة

بالموحدة، وفي "النهاية": بالباء الموحدة؛ أي: يميلها إليهم، يريد بذلك أن

يُشْهِد الله عليهم، قال النوويّ رحمهُ اللهُ: هكذا ضبطناه "ينكتها" بعد الكاف تاء مثناة

من فوقُ، قال القاضي رحمهُ اللهُ: هكذا الرواية بالتاء المثنّاة فوقُ، وهو بعيد

المعنى، قال: قيل: صوابه "ينكبها" بباء موحدة، قال: ورويناه في "سنن أبي

داود" بالتاء المثناة من طريق ابن الأعرابيّ، وبالموحدة من طريق أبي بكر

التمار، ومعناه: يقلبها، ويرَدِّدها إلى الناس، مشيرًا إليهم، ومنه نَكَبَ كنانته:

إذا قلبها. انتهى كلام القاضي عياض (?).

قال الطيبيّ تعليقًا على كلام عياض هذا: أراد بقوله: "بعيد المعنى" أنه

غير موافق للّغة، قال الجوهريّ: نكت في الأرض بالقضيب: إذا ضرب في

الأرض، فأثّر فيها، وفي "المُغرِب": في الحديث: "نكتت خدرها بإصبعها"؛

أي: نقرت، وضربت، هذا إذا استُعمل بـ "في"، أو بالباء، وفي الحديث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015