الزوجة وكسوتها، وذلك ثابت بالكتاب، والسنّة، والإجماع.
وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "بالمعروف أي: بما يُعْرَف من حاله وحالها،
وهو حجة لمالك؛ حيث يقول: إن النفقات على الزوجات غير مقدّرات، وإنما
ذلك بالنظر إلى أحوالهم وأحوالهن. انتهى.
(وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ) أي: بينكم (مَا) موصولة، أو موصوفة (لَنْ تَضِلُّوا
بَعْدَهُ) أي: بعد تركي إياه فيكم، أو بعد التمسّك به، والعمل بما فيه، ويؤيّد
الأول قوله: (إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ) أي: في الاعتقاد والعمل، وفي هذا التركيب
إبهام وتوضيحٌ، وذلك لبيان أن هذا الشيء الذي تركه فيهم شيءٌ جليلٌ عظيمٌ،
فيه جميع المنافع الدينيّة والدنيويّة، ثم لَمّا حصل من هذا التشويق التامّ
للسامع، وتوجّه إلى استماع ما يَرِد بعده، واشتاقت نفسه إلى معرفته بيّنه بقوله:
(كِتَابَ اللهِ) بالنصب بدل، أو بيان لـ"ما"، جزم به بعضهم، فإن كانت الرواية،
وإلا فيجوز رفعه على أنه خبر مبتدإ محذوف؛ أي: هو كتاب الله، ولم يذكر
السنّة مع أن بعض الأحكام يستفاد منها؛ لاندراجها تحته، فإن الكتاب هو
المبيّن للكل، بعضها بلا واسطة، وبعضها بواسطة، قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا
عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} الآية [النحل: 89]، كذا في "شرح المواهب".
وقال القاري رحمهُ اللهُ: إنما اقتصر على الكتاب؛ لأنه مشتمل على العمل
بالسنة؛ لقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} الآية [النساء: 59]، وقوله: {وَمَا
آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} الآية [الحشر: 7]، ويلزم من العمل
بالكتاب العمل بالسنة، وفيه إيماء إلى أن الأصل الأصيل هو الكتاب.
انتهى (?).
(وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ) بالبناء للمفعول، وفي رواية أبي داود، وابن ماجه،
والدارميّ، وابن الجارود، والبيهقيّ: "مسئولون" (عَنِّي) أي: عن تبليغي
وعدمه، قال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "تسألون" عطف على مقدّر؛ أي: قد بلّغتُ ما
أرسلت به إليكم جميعًا، غير تارك لشيء مما بَعَثني الله به، وأنتم تُسألون عن