لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم، والجلوس في منازلكم، سواء كان المأذون له
رجلًا أجنبيًّا، أو أمرأةً، أو أحدًا من محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع
ذلك، وهذا حكم المسألة عند الفقهاء أنها لا يحل لها أن تأذن لرجل، أو
امرأة، ولا محرم، ولا غيره في دخول منزل الزوج، إلا من عَلِمت، أو ظنت
أن الزوج لا يكرهه؛ لأن الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتى يوجد الإذن
في ذلك منه، أو ممن أذن له في الإذن في ذلك، أو عرف رضاه باطراد العرف
بذلك ونحوه، ومتى حصل الشك في الرضا، ولم يترجح شيء، ولا وجدت
قرينة لا يحل الدخول، ولا الإذن. انتهى كلام النوويّ رحمهُ اللهُ (?)، وهو تحقيق
نفيسٌ، والله تعالى أعلم.
وقال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "أن لا يوطئن ... إلخ" مشعر بالكناية عن
الجماع، فعبّر به عن عدم الإذن مطلقًا تغليظًا وتشديدًا. انتهى (?).
(فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ) أي: الإيطاء المذكور بدون رضاكم بلفظ صريح، أو
بقرائن (فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ) أي: ضربًا ليس بشديد، ولا شاقّ،
والْبَرْح: المشقة، والضرب الْمُبَرِّح بضًم الميم، وفتح الموحدة، وكسر الراء،
آخره حاء مهملة: اسم فاعل، من التبريح: وهو الضرب الشديد الشاقّ.
وفي هذا الحديث إباحة ضرب الرجل امرأته للتأديب، فإن ضربها
الضرب المأذون فيه فماتت منه وجبت ديتها على عاقلة الضارب، ووجبت
الكفارة على الضارب (?).
وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "غير مبرح" أي: ليس بالحدِّ، وإنما هو
تأديب، والمبرِّح: الشديد الشاقّ، والبَرْح: المشقة الشديدة، وفيه إباحة تأديب
الرجل زوجته على وجه الرفق. انتهى (?).
(وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ) أي: وجوبًا (رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ) المراد بالرزق النفقة، من
المأكول والمشروب، وفي معناه سُكناهنّ (بِالْمَعْرُوفِ) أي: على قدر كفايتهنّ،
من غير إسراف، وتقتير، أو باعتبار حالكم فقرًا وغنًى، وفيه وجوب نفقة