منكم لهنّ. انتهى (?).

(وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ) أي: من الحقوق، لَمّا ذكر -صلى الله عليه وسلم- استحلال الفروج بكلمة الله

تعالى، وعُلم منه تأكّد الصحبة بين الزوجين انتقل إلى بيان ما على كلّ واحد

منهما من الحقوق، وبدأ بحقّ الأزواج؛ لأنهم المخاطبون (أَنْ لَا يُوطِئْنَ)

بهمزة، أو بتخفيفها بالإبدال مسند إلى جمع الإناث، من الإيطاء، من باب

الإفعال (فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ) أي: تكرهون دخوله في بيوتكم، وعبّر

بالفُرُش؛ لأن الداخل يطأ المنزل الذي يدخل فيه.

قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "ولكم عليهن ألا يوطئن ... إلخ" معناه: ألا

يُدخِلن منازلكم أحدًا ممن تكرهونه، ويدخل في ذلك الرجال والنساء، الأقرباء

والأجانب، قال: ولا يُفهم من هذا الكلام أنه النهي عن الزنى، فإن ذلك

محرم مع من يكرهه الزوج ومع من لا يكرهه، وقد قال: "أحدًا تكرهونه"، ثم

إنها كانت تكون استعارة بعيدة، وأيضًا: فإن الزنى يترتب عليه الحدُّ. انتهى (?).

وقال المازريّ رحمهُ اللهُ: قيل: المراد بذلك أن لا يستخلين بالرجال، ولم

يُرِد زناها؛ لأن ذلك يوجب جلدها، ولأن ذلك حرام مع من يكرهه الزوج،

ومن لا يكرهه.

وقال الخطّابيّ رحمهُ اللهُ: معنى الحديث أن لا يأذنّ لأحد من الرجال يدخل،

فيتحدّث إليهنّ، وكان الحديث من الرجال إلى النساء من عادات العرب، ولا

يرون ذلك عيبًا، ولا يعدّونه ريبةً، فلما نزلت آية الحجاب صار النساء

مقصورات، نُهي عن محادثتهنّ، والقعود إليهنّ، وليس المراد بوطئ الفُرُش

هنا نفس الزنا؛ لأنه محرّم على الوجوه كلّها، فلا معنى لاشتراط الكراهة فيه،

ولو أريد الزنا لكان الضرب الواجب فيه هو المبرّح الشديد، والعقوبة المؤلمة

من الرجم دون الضرب الذي ليس بمبرّح. انتهى كلام الخطّابيّ رحمهُ اللهُ، ونحوه

للقاضي عياض رحمهُ اللهُ (?).

وقال النوويّ رحمهُ اللهُ- -بعد ذكر ما تقدّم-: والمختار أن معناه أن لا يأذنّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015