قال النوويّ رحمهُ اللهُ: فيه الحثّ على مراعاة حقّ النساء، والوصية بهنّ،
ومعاشرتهنّ بالمعروف، وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة في الوصية بهنّ،
وبيان حقوقهنّ، والتحذير من التقصير في ذلك، وقد جمعتها أو معظمها في
"رياض الصالحين". انتهى (?).
(فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ) أي: بعهده، وهو ما عَهِد إليكم فيهنّ، قال
النوويّ رحمهُ اللهُ: هكذا هو في كثير من الأصول، وفي بعضها: "بأمانة الله".
وقال الزرقانيّ رحمهُ اللهُ: أي: بأن الله ائتمنكم عليهنّ، فيجب حفظ الأمانة،
وصيانتها بمراعاة حقوقها، والقيام بمصالحها الدينيّة والدنيويّة، قال: وفي
قوله: "أخذتموهنّ" دلالة على أنها كالأسيرة المحبوسة عند زوجها، وله
التصرّف فيها، والسلطنة عليها حسبما بيّنه الشرع، ويوافقه قوله في رواية
أخرى: "فإنهنّ عوان عندكم" جمع عانية، وهي الأسيرة، لكنها ليست أسيرة
خائفة كغيرها من الأسراء، بل هي أسيرة آمنة. انتهى.
وقوله: (وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ) في معناه أربعة أقوال:
[الأول]: أن المراد بكلمة الله: أمره، وحكمه، وإباحته الْمُنَزَّلة في كتابه،
وهو قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} الآية [النساء: 3]، قال
النوويّ رحمهُ اللهُ: هذا هو الصحيح، ووَجَّه القرطبيّ في "المفهم" إذ قال: فإن
حكم الله كلامه المتوجّه للمحكم عليه على جهة الاقتضاء، أو التخيير.
[الثاني]: المراد كلمة التوحيد، "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"؛ إذ لا
تحلّ مسلمة لغير مسلم.
[الثالث]: المراد كلمة النكاح التي تُستحلّ الفروج؛ أي: الصيغ التي
ينعقد بها النكاح، من الإيجاب والقبول؛ لأن الله تعالى أمر بها.
[الرابع]: المراد قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} الآية
[البقرة: 229]، قال الخطّابيّ رحمهُ اللهُ: هذا أحسن الوجوه. انتهى (?).
وقال التوربشيّ رحمهُ اللهُ: المعنى: إن استحلالكم فروجهنّ، وكونهنّ تحت
أيديكم إنما كان بعهد الله وحكمه، فإن نقضتم عهده، وأبطلتم حكمه انتقم الله