فالمراد إعلام الناس بحجه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإشاعته بينهم؛ ليتأهّبوا للحج معه، ويتعلّموا
المناسك، والأحكام، ويُشاهدوا أفعاله، وأقواله، ويوصيهم ليبلّغ الشاهد
الغائب، وتشيع دعوة الإسلام، وتبلغ الرسالة القريب والبعيد، وفيه أنه يُستحبّ
للإمام إيذان الناس بالأمور المهمّة؛ ليتأهّبوا لها، ولا سيّما في هذه الفريضة
الكثيرة الإحكام المفروضة (?).
(فِي الْعَاشِرَةِ) متعلّق بخبر لمبتد! محذوف؛ أي: ذلك كائن في السنة
العاشرة من الهجرة، ولا يتعلّق بـ "آذن"، فتنبّه.
(أَن رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاجّ) أي: خارج إلى الحجِّ، ومريد له، وقاصد، زاد
في رواية أحمد، والنسائيّ: "هذا العام" (فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ) تحقيقًا لقوله
تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا} أي: مشاة {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} أي: راكبين على كلّ
بعير ضعيف {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} أي: طريق بعيد، {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}
[الحج: 28] أي: ليحضروا منافع دينية، ودنيوية، وأخروية، وفي رواية
النسائيّ: "فلم يبق أحد يقدر أن يأتي راكبًا، أو راجلًا إلَّا قَدِمَ، فتدارك
الناس؛ ليخرجوا معه".
(كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ) أي: يطلب (أَنْ يَأْتَمَّ) أي: يقتدي (بِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَعْمَلَ
مِثْلَ عَمَلِهِ) لأنه القدوة الحسنة، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21]، و {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] حُئم تَقتَدُونَ 1 الأعراف: 158"، وَمَأَءَائَئكم أَلزَ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].
وقال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا مما يدلّ على أنهم كلهم أحرموا بالحج؛
لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحرم بالحج، وهم لا يخالفونه، ولهذا قال جابر - رضي الله عنه -: "وما عَمِل من
شيء عملنا به"، ومثله توقفهم عن التحلل بالعمرة ما لَمْ يتحلل حتى أغضبوه،
واعتذر إليهم، ومثله تعليق عليّ وأبي موسى - رضي الله عنهما - إحرامهما على إحرام
النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. انتهى (?).
(فَخَرَجْنَا مَعَهُ) أي: لخمس بقين من ذي القعدة، كما رواه النسائيّ بين