الظهر والعصر، وروى الترمذيّ، وابن ماجة، عن أنس منه، والطبراني عن
ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حج على رَحْلِ رَثٍّ، يساوي أربعة دراهم (?).
(حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ) أي: المكان المعروف بهذا الاسم، وهو ماء من
مياه بني جُشَم، وهو ميقات أهل المدينة، نحو مرحلة عنها، ويقال: ستة
أميال (?).
(فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ) تقدّمت ترجمتهما قبل
باب (فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولي اللهِ) الظاهر أنَّها أرسلت زوجها أبا بكر
الصدّيق - رضي الله عنه -، ويدلّ له ما رواه مالك في "الموطإ" عن عبد الرَّحمن بن
القاسم، عن أبيه، عن أسماء بنت عُميس أنَّها ولدت محمد بن أبي بكر، فذَكَر
ذلك أبو بكر لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويدلّ عليه أيضًا ما رواه النسائيّ من حديث أبي
بكر - رضي الله عنه -: فأتى أبو بكر النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخبره، فأمره أن يأمرها أن تغتسل،
وقوله: (كَيْفَ أَصْنَعُ؟ ) مقول لقول محذوف حال من الفاعل؛ أي: أرسلت
حال كونها قائلةً كيف أصنع؟ أي: في الإحرام بالحجّ.
وقال الباجيّ في "شرح الموطإ": يَحْتَمِل أن أبا بكر سأل أن النفاس
الذي يمنع صحة الصلاة والصوم يمنع صحّة الحج؟ فبيّن - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه لا ينافي
الحجِّ، وَيحْتَمل أنه سأل عن اغتسالها للإحرام بعد أن عَلِمَ أن إحرامها بالحجِّ
يصحّ، فخاف أن النفاس يمنع الاغتسال الذي يوجب حكم الطهر. انتهى.
(قَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مجيبًا عن سؤالها، مبيّنًا كيفيّة ما تصنعه في حال الإحرام
("اغْتَسِلِي) فيه دلالة على أن اغتسال النفساء للإحرام سنة، وهو للنظافة لا
للطهارة، ومثلها في ذلك الحائض، كما أمر النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عائشة - رضي الله عنها - بذلك حين
حاضت بسرف، كما تقدّم بيانه.
وقال الخطّابيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "المعالم": في الحديث استحباب التشبّه من أهل
التقصير بأهل الفضل والكمال، والاقتداء بأفعالهم طمعًا في إدراك مراتبهم،
ورجاء مشاركتهم في نيل المثوبة، ومعلوم أن اغتسال الحائض والنفساء قبل