الحجة. انتهى (?).
(فَقَالَ بِيَدِهِ) أي: أشار، ففيه إطلاق القول على الفعل (فَعَقَدَ تِسْعًا) أي:
أن يضمّ الوسطى والخنصر والبنصر مع مدّها إلى أصل لحمة الإبهام.
[تنبيه]: عقد تسعة من العقود المعروفة عند العرب قديمًا حيث يستعملون
الأصابع في الحساب، وقد بيّنت ذلك في أبيات، فقلت:
يَا طَالِبًا مَعْرِفَةَ الْحِسَابِ ... لِلْعَرَبِ الْعَرْبَاءِ خُذْ جَوابِي
لِلْوَاحِدِ اضْمُمْ خِنْصِرًا لأَقْرَبِ ... بَاطِنِ كَفِّكَ وَأَحْكِمْ تُصِبِ
لاثْنَيْنِ بِنْصِرًا تَزِيدُ وَإِذَا ... تَزِيدُ وُسْطَاكَ ثَلَاثَةً خُذَا
ضَمُّهُمَا مَعْ رَفِعِ خِنْصِرٍ غَدَا ... أَرْبَعَةً وَضَمُّ وُسْطَى أَرْشَدَا
لِخَمْسَةٍ وِبِنْصِرٍ لِسِتَّةِ ... وَضَمُّ خِنْصِرٍ فَقَطْ لِسَبْعَةِ
مَعْ مَدّهَا لِلَحْمَةٍ تَتَّصِلُ ... بِأَصْلِ إِبْهَامِكَ خُذْمَا نَقَلُوا
وَمَعَهَا الْبِنْصِرُ لِلثَّمَانِيَهْ ... وَمَعَهَا الْوُسْطَى لِتِسْعٍ وَاقِيَهْ
إلى آخر الأبيات، وقد تقدّمت في "كتاب الصلاة"، فراجعها هناك، وبالله
تعالى التوفيق.
(فَقَالَ) جابر - رضي الله عنه - (إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَثَ) بضمّ الكاف، وفتحها؛ أي:
لبث، قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: مَكَثَ مَكْثًا، من باب قَتَلَ: أقام، وتلبّث، فهو
ماكثٌ، ومَكُثَ مُكْثًا، فهو مَكِيثٌ، مثلُ قَرُبَ قُرْبًا، فهو قَرِيبٌ لغةٌ، وقرأ
السبعة: {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} [النمل: 22] باللغتين، ويتعدّى بالهمزة، فيقال:
أمكثه، وتمكّث في أمره: إذا لَمْ يَعْجَل فيه. انتهى (?).
زاد في رواية النسائيّ: "بالمدينة" (تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ) اتّفق العلماء على
أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يحجّ بعد هجرته إلى المدينة سوى حجة واحدة، وهي حجة الوداع
هذه، وعلى أنَّها كانت سنة عشر (ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ) بتشديد الذال المعجمة،
وفي نسخة: "ثمّ آذن" بالمدّ والتخفيف، وفي "المرعاة": "ثمّ أُذّن" بضمّ
الهمزة، وكسر الذال المعجمة، مبنيّ للمجهول؛ أي: نادى منادً بإذنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
ويجوز بناؤه للمعلوم؛ أي: أمر بأن ينادى بينهم، قال: وعلى كلا الاحتمالين