[أحدهما]: أنهما نهيا عنه تنزيهًا، وحملًا للناس على ما هو الأفضل

عندهما، وهو الإفراد، لا أنهما يعتقدان بطلان التمتع هذا، مع علمهما بقول الله

تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}.

[والثاني]: أنهما كانا ينهيان عن التمتع الذي فعلته الصحابة في حجة

الوداع، وهو فسخ الحج إلى العمرة؛ لأن ذلك كان خاصّا لهم، وهذا التأويل

ضعيف، وإن كان مشهورًا، وسياق الأحاديث الصحيحة يقتضي خلافه.

قال: ومن العلماء من أصحابنا وغيرهم من يقتضي كلامه أن مذهب عمر

بطلان التمتع، وهو ضعيف، ولا ينبغي أن يُحْمَل كلامه عليه، بل المختار في

مذهبه ما قدمته، والله أعلم. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: قد أسلفت لك أن الذي يظهر لي أن نهي عمر

وعثمان - رضي الله عنهما - عن متعة الحج يعئم الفسخ أيضًا، كما سيتبيّن من قصّة أبي موسى

الأشعريّ - رضي الله عنه -، وغيره، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(وَأَبِتُّوا) بقطع الهمزة، أمر من الإبتات، وهو القطع (نِكَاحَ هَذِهِ النِّسَاءِ)

يعني اللاتي عُقِد عليهنّ نكاح المتعة؛ أي: اقطعوا أمر نكاحهنّ، ولا تجعلوه

غير مبتوت، بجعله مُتعة، مقدّرة بمدّة، أراد بذلك النهي عن متعة النساء، قال

القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهذا منه أمر، وتهديدٌ، ووعيدٌ شديدٌ لمن استمر على ذلك بعد

المتقدمة. انتهى.

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: متعة النِّكَاح: هي نكاح المرأة إلى أجل، وكان

مباحًا، ثم نُسِخ يوم خيبر، ثم أبيح يوم الفتح، ثم نُسِخ في أيام الفتح، واستمر

تحريمه إلى الآن، وإلى يوم القيامة، وقد كان فيه خلاف في العصر الأول، ثم

ارتفع، وأجمعوا على تحريمه، وسيأتي بسط أحكامه في "كتاب النِّكَاح" - إن

شاء الله تعالى - انتهى (?).

(فَلَنْ أُوتَى) بالبناء للمفعول (بِرَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً إِلَى أَجَلٍ) أي: نكحها

نكاح المتعة (إِلَّا رَجَمْتُهُ بِالْحِجَارَةِ) هذا قاله - رضي الله عنه - مبالغة في النهي والزجر، وإلا

فهو - رضي الله عنه - قد درأ الحدّ عن بَغِيّ بأجرة، فكيف لا يدرأ عن مستمتع؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015