يكون استدلالًا في غير محله، غير أنه لما كان لفظ المتعة يقال عليهما
بالاشتراك خفي على كثير من الناس، وكذلك يصلح هذا اللفظ لمتعة النِّكَاح،
ولذلك ذكرهما جابر عن عمر في نسق واحد، وكان ابن عباس أيضًا خالف في
متعة النِّكَاح، ولم يبلغه ناسخها على ما يأتي في "النِّكَاح" - إن شاء الله تعالى -
انتهى كلام القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهَ - (?).
قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر لي أن الذي اختلف فيه ابن عبّاس،
وابن الزبير، والذي كان ينهى عنه عمر وعثمان - رضي الله عنهم - هو المتعة مطلقًا، سواء
المتعة التي هي فسخ الحجِّ إلى العمرة، أو المتعة التي هي الاعتمار في أشهر
الحجِّ، ثم الحجِّ بعده من عامه، كما يتبيّن ذلك فيما يأتي من قصّة أبي موسى
الأشعريّ مع عمر - رضي الله عنهما -، وقصّة عليّ مع عثمان - رضي الله عنهما -، وغير ذلك مما هو واضح
فيما قلته.
ثم إن نهي هؤلاء الذين نهوا عنها إنما هو اجتهاد منهم، وقد خالفهم
الجمهور، وهو الحقّ، وقد حمل بعضهم نهيهم على التنزيه، قال البيهقيّ في
"سننه" بعد إخراج هذا الحديث ما نصّه: ونحن لا نشك في كونها - يعني
المتعة - على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لكنا وجدناه نَهَى عن نكاح المتعة عام الفتح
بعد الإذن فيه، ثم لَمْ نجده - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه بعد النهي عنه، حتى مضى لسبيله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
فكان نهي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن نكاح المتعة موافقًا لسنة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
فأخذنا به، ولم نجده منهى عن متعة الحج في رواية صحيحة عنه، ووجدنا
في قول عمر - رضي الله عنه - ما دل على أنه أحبّ أن يُفْصَل بين الحج والعمرة؛ ليكون
أتمّ لهما، فحملنا نهيه عن متعة الحج على التنزيه، وعلى اختيار الإفراد على
غيره، لا على التحريم، وبالله التوفيق. انتهى كلام البيهقيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?)، وهو
تحقيق نفيسٌ، والله تعالى أعلم.
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "شرح المهذّب" ما حاصله: قد ذكر العلماء في
نهي عمر وعثمان - رضي الله عنهما - عن متعة الحجِّ تأويلين: