قال الجامع عفا الله تعالى عنه ة لكن الذي يترجّح عندي هو ما ذهب إليه

الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهَ -، ومن قال بقوله، وهو أن الفسخ مستحبّ (?)؛ لقوله: "بل

لأبد الأبد"، وأما الوجوب فخاصّ بتلك السنة؛ جمعًا بين النصوص في

المختلفة في الباب، وهذا هو الذي مال إليه شيخ الإسلام ابن تيميّة - رَحِمَهُ اللهُ -.

قال صاحب "المرعاة": القول الراجح عندنا هو ما ذهب إليه أحمد،

ومن وافقه من أن فسخ الحج إلى العمرة ليس خاصًّا بالصحابة - رضي الله عنهم - في تلك

السنة، بل يجوز، أو يُسنّ، ويستحبّ لكل من أحرم بحج، وليس معه هديٌ أن

يقلب إحرامه عمرةً، ويتحلّل بأعمالها؛ ليصير متمتّعًا، وأما حديث أبي ذرّ،

وبلال بن الحارث، فمحمولان على الوجوب، يعني أن وجوب فسخ الحج إلى

العمرة خاصّ بذلك الركب في تلك السنة، وأما الجواز والاستحباب، فهو باق

للأمة إلى يوم القيامة، وهو محمل حديث جابر - رضي الله عنه - وغيره من أحاديث

الفسخ، ولا منافاة بين اختصاص الوجوب بالصحابة، وبين بقاء المشروعيّة

والاستحباب إلى أبد الأبد، وعلى ذلك حمل الإمام ابن تيميّة - رَحِمَهُ اللهُ - تلك

الأحاديث، كما تقدّم، وهو محمل حسنٌ، والله تعالى أعلم. انتهى كلام

صاحب "المرعاة" - رَحِمَهُ اللهُ -، وهو تحقيقٌ حسنٌ جدًّا.

والحاصل أن الأرجح استحباب فسخ الحج بعمل العمرة لمن لَمْ يسق

الهدي ممن أحرم بالحجّ مفردًا، أو قارنًا؛ وبهذا تجتمع الأحاديث، فتأمل،

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[2944] ( ... ) - (حَدثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي

سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنهما - قَالَ: أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

بِالْحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا أَنْ نُحِلَّ، وَنَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْنَا، وَضَاقَتْ

بِهِ صُدُورُنَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَمَا نَدْرِي أَشَيْءٌ بَلَغَهُ مِنَ المَاءِ، أَمْ شَيْءٌ مِنْ

قِبَلِ النَّاسِ؟ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ أَحِلُّوا، فَلَوْلَا الْهَدْيُ الَّذِي مَعِي (?) فَعَلْتُ كَمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015