2 - (ومنها): بيان أمر النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من لَمْ يسق الهدي أن يفسخ حجه بعمل العمرة.
3 - (ومنها): بيان وجوب ذلك الفسخ، حيث غَضِب - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على من توقّف
فيه، وقالت له عائشة" - رضي الله عنها -: "من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار"، وأقرّها
على ذلك، ولا يكون مثل هذا الوعيد إلَّا لمن ترك واجبًا، أو ارتكب محرّمًا،
لكن الراجح أن الوجوب خاصّ بذلك الركب، وتلك السنَة، وأما مشروعيّة
الفسخ، واستحبابه فهو إلى يوم القيامة، وسيأتي تمام البحث في ذلك في
المسألة التالية - إن شاء الله تعالى -.
4 - (ومنها): بيان تشديد أمر الفسخ؛ لأن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، غضب، وقال
لهم: "قد علمتم أني أتقاكم لله، وأصدقكم ... إلخ".
[فإن قلت]: كيف توقّف الصحابة - رضي الله عنهم - في هذه المسألة، مع أنهم أطوع
الناس لأمره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في كلّ قليل وكثير؟
[قلت]: إنما توقّفوا فيها؛ لشدة حرصهم على موافقة حجهم لحجه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كمًّا وكيفًا، فلمَّا أمرهم بالفسخ مع أنه لا يفسخ ظنّوا أنه سيُخفّف عنهم بترك
العزم عليهم، حتى يحلّوا معه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فهذا وجه توقّفهم، فلا يُظنّ بهم غير ذلك،
ولكن لَمّا كان الأمر حتمًا شدّد النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في النكير عليهم، وألزمهم ذلك، ولم
يسمح لهم بموافقته؛ لاختلاف هيئته عن هيئتهم، حيث لَمْ يسوقوا الهدي مثله،
والله تعالى أعلم.
5 - (ومنها): وفيه جواز تعليق الإحرام بإحرام غيره، كأن يقول: أهللت
بما أهلّ به فلان، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وفي هذين الحديثين - يعني حديث جابر
هذا، وحديث أبي موسى الأشعريّ الآتي -: دلالة لمذهب الشافعيّ، وموافقيه
أنه يصح الإحرام معلقًا، بأن ينوي إحرامًا كإحرام زيد، فيصير هذا المعلِّق
كزيد، فإن كان زيد محرمًا بحج، كان هذا بالحج أيضًا، وإن كان بعمرة
فبعمرة، وإن كان بهما فبهما، وإن كان زيد أحرم مطلقًا صار هذا محرمًا
إحرامًا مطلقًا، فيصرفه إلى ما شاء من حجّ أو عمرة، ولا يلزمه موافقة زيد في
الصرف. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.