عمر بسواري كسري، ومنطقته، وتاجه، دعا سراقة، فألبسه، وكان رجلًا أزبّ،
كثير شعر الساعدين، فقال له: ارفع يديك، قل: الله أكبر، الحمد لله الذي
سلبهما كسرى بن هُرْمُز، وألبسهما سراقة الأعرابيّ، وروى ذلك عنه ابن أخيه
عبد الرَّحمن بن مالك بن جعشم، وروى عنه أيضًا ابن عباس، وجابر،
وسعيد بن المسيّب، وطاوس، قال أبو عمر: مات في خلافة عثمان - رضي الله عنه - سنة
(24) وقُتل من بعده عثمان.
(يَا رَسُولَ اللهِ، أَلِعَامِنَا هَذَا، أَمْ لِأَبَدٍ؟ ) وفي لفظ: "يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ
عُمْرَتَنَا هَذِهِ، لِعَامِنَا هَذَا، أَوْ لِلْأَبَدِ؟ "، ومعناه: هل الأمر بفسخ الحجِّ إلى
العمرة لعامنا هذا خاصة، أم للأمة عامة إلى يوم القيامة؟
(فَقَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ("لِأَبَدٍ" (?) وفي رواية: "بل لأبد أبد" بإضافة الأول إلى
الثاني، و"الأبد": الدهر؛ أي: هذا إلَّا آخر الدهر، أو بغير الإضافة، وكرره
للتأكيد. وزاد في رواية ابن الجارود، وأحمد: "ثلاث مرات"، يعني أن ذلك
مشروع في كلّ عام، لا يختصبعام، دون آخر إلى يوم القيامة، وكرر ذلك
ثلاثًا للتاكيد.
وفي الرواية في حديث جابر الطويل: "فقام سراقة بن مالك بن جعشُم،
فقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا، أم لأبد؟ فشبك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصابعه
واحدة في الأخري، وقال: "دخلت العمرة في الحج مرتين، لا، بل للأبد
أبد".
فتشبيكه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصابعه إشارة إلى اشتراك كلّ الأعوام في ذلك بدون
اختصاص أحدها، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: قد اختَلَفَ العلماء في معنى سؤال سراقة، فقال الجمهور: معناه
أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحجِّ، إبطالًا لما كان عليه الجاهلية.
- وقيل: معناه جواز القران؛ أي: دخلت أفعال العمرة في أفعال الحجِّ.
وقيل: معناه سقوط وجوب العمرة، قال الحافظ: وهذا ضعيف؛ لأنه يقتضي
النسخ بغير دليل، وقال النوويّ: وسياق الحديث يقتضي بطلان هذا التأويل.