وتحلل، فأمر أبا موسى بذلك، فلذلك اختَلَف في أمره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهما، قال: فاعتمد
ما ذكرته، فهو الصواب، وقد تأولهما الخطابيّ، والقاضي عياض تأويلين غير
مرضيين. انتهى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?)، وهو حسنٌ، والله تعالى أعلم.
(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فَأَهْدِ) أي: انْحَر هديًا؛ لأنه واجب عليك،
لكونك قارنًا، وفيه وجوب الهدي على القارن، وفيه ردّ على ابن حزم، حيث
قال: لا يجب الهدي على القارن، وإنما هو على المتمتّع؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ
تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} الآية [البقرة: 196]، والظاهر أنه ما انتبه
لهذه الرواية، وإلا لما قال ذلك، والله تعالى أعلم.
(وَامْكُثْ حَرَامًا") منصوب على الحال؛ أي: حال كونك محرمًا، زاد في
رواية النسائيّ: "كَمَا أَنْتَ"؛ أي: على ما أنت عليه، فالكاف بمعنى "على"، أو
هي للتشبيه؛ أي: كن في مستقبلك مثل حالك فيما مضى.
(قَالَ) جابر - رضي الله عنه - (وَأَهْدَى لَهُ عَلِيٌّ هَدْيًا) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يعني هديًا
اشتراه؛ لا أنه من السعاية على الصدقة. انتهي، وسيأتي في حديث جابر - رضي الله عنه -
الطويل أن جملة ما أتى به النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الهدايا، وما أهداه له عليّ - رضي الله عنه - كان
مائة (فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُم) ابن مالك بن عمرو بن تيم بن مُدلج بن
مزة بن عبد مناة بن كنانة الكنانيّ المدلجيّ، وقد ينسب إلى جدّه، يكنى أبا
سفيان، كان ينزل قُدَيدًا، رَوَى الشيخان قصّته في إدراكه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمّا هاجر
إلى المدينة، ودعا النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى ساخت رجلا فرسه، ثم إنه طلب منه
الخلاص، وأنه لا يدلّ عليه، ففعل، وكتب له أمانًا، وأسلم يوم الفتح،
ورواها أيضًا من طريق البراء بن عازب، عن أبي بكر الصدّيق - رضي الله عنه -، وفي قصّة
سراقة مع النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول سراقة مخاطبًا لأبي جهل [من الطويل]:
أَبَا حَكَم وَاللهِ لَوْ كُنْتَ شَاهِدًا ... لأَمْرِ جَوَادِي إِذْ تَسُوخُ قَوَائِمُهْ
عَلِمْتَ وَلَمْ تَشْكُكْ بِأَنَّ مُحَمَّدًا ... رَسُولٌ بِبُرْهَانٍ فَمَنْ ذَا يُقَاوِمُهْ
وقال ابن عيينة، عن إسرائيل أبي موسي، عن الحسن: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قال لسراقة بن مالك: "كيف بك إذا لبست سِوَارَيْ كسرى؟ "، قال: فلما أُتي