ومنصورًا، وسليمان، عن الرجل يطوف بالبيت على غير طهارة، فلم يروا به
بأسًا، وروى ابن أبي شيبة أيضًا عن عطاء، قال: إذا طافت المرأة ثلاثة
أطواف، فصاعدًا، ثم حاضت أجزأ عنها، وذكر ابن حزم في "المحلّى" عن
عطاء، قال: حاضت امرأة، وهي تطوف مع عائشة أم المؤمنين، فأتمّت بها
عائشة بقية طوافها، قال ابن حزم: فهذه أم المؤمنين لم تر الطهارة من شروط
الطواف. انتهى.
وفي تقييد هذه الرواية عن أحمد بالعود إلى بلده نظر، فقد حكى المجد
ابن تيمية في "المحرّر" رواية عن أحمد أن الطهارة واجبة تُجبر بالدم، ولم يقيّد
ذلك بشيء.
وعند المالكية قول يوافق هذا فحكى ابن شاس في "الجواهر" عن المغيرة
أنه إن طاف غير متطهّر أعاد ما دام بمكة، فإن أصاب النساء، وخرج إلى بلده
أجزأه.
وقال ابن حزم من أهل الظاهر: الطواف بالبيت على غير طهارة جائز
للنفساء، ولا يحرم إلا على الحائض فقط؛ للنهي فيه، وهذا جمود عجيب،
وقد تقدّم في حديث ابن عباس ذكر النفساء مع الحائض، وسكت عليه أبو
داود، وحسّنه الترمذيّ. انتهى كلام وليّ الدين رحمه الله.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يترجّح عندي هو قول الجمهور من
أن الطهارة واجبة للطواف؛ لظاهر قوله -صلى الله عليه وسلم-: "حتى تطهري"، فعلّق حلّ
الطواف بالطهارة، فلولا أنها شرط فيه لما علّق حله بها، ولحديث: "الطواف
بالبيت صلاة ... " الحديث، فإنه وإن قيل بوقفه، إلا أن له حكم الرفع، كما
تقدّم، وقد حقّقت كونه مرفوعًا صحيحًا في "شرح النسائيّ" (?)، فيفيد وجوب
الطهارة مثل الصلاة، وبأنه -صلى الله عليه وسلم- توضأ، ثم طاف بالبيت، وقد قال: "خذوا عني
مناسككم"، فهذه الأدلة يستفاد منها وجوب الطهارة للطواف، فتأملها
بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): الظاهر أن اشتراط الطهارة في الطواف يعم البدن