والثوب، والمكان الذي يطؤه في الطواف، وبهذا قال الشافعية، والمالكية،
والحنابلة، وغيرهم، لكن اغتفر المالكية ذلك مع النسيان.
قال النووي في "شرح المهذّب": والذي أطلقه الأصحاب أنه لو لاقى
النجاسة ببدنه، أو ثوبه، أو مشى عليها عمدًا، أو سهوًا لم يصحّ طوافه، قال:
ومما عمّت به البلوى غلبة النجاسة في موضع الطواف من جهة الطير، وغيره،
وقد أختار جماعة من أصحابنا المتأخرين المحققين العفو عنها، وينبغي أن
يقال: يُعفى عما يشقّ الاحتراز عنه من ذلك، كنظائره. انتهى كلام النوويّ.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله النووي من نجاسة خرء
الطير ونحوه مبنيّ على مذهبه، والراجح أن هذه الأشياء ليست بنجس؛ لعدم
وجود دليل على ذلك، وقد استوفيت تحقيق ذلك في "أبواب الطهارة" من
"شرح النسائيّ"، فراجعه تستفد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع
والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في اشتراط الطهارة للسعي
بين الصفا والمروة:
ذهب إلى عدم اشتراطها جمهور العلماء من السلف والخلف، وحكاه ابن
المنذر عن عطاء بن أبي رباح، ومالك، والشافعيّ، وأحمد، وأبي ثور،
وأصحاب الرأي، قال: وكان الحسن البصريّ يقول: إن ذَكَره قبل أن يحلّ،
فليُعد الطواف، وإن ذكره بعدما حلّ فلا شيء عليه.
وقال ابن عبد البرّ: لا أعلم أحدًا اشترط الطهارة فيه إلا الحسن، فإنه
قال: إن سعى على غير طهارة، فإن ذكر قبل أن يحلّ فليُعد، وإن ذكر بعدما
حلّ فلا شيء عليه. انتهى.
قال الحافظ وليّ الدين: وفيه نظر من وجهين:
[أحدهما]: أنه كلام متهافت، فإن اشتراط الطهارة ينافي الإجزاء مع
فقدها، وما علمت أحدًا نُقِل عنه الاشتراط، ولعله يقول بالوجوب فقط، بل في
"مصنف ابن أبي شيبة" عن الحسن، وابن سيرين أنهما لم يريا بأسًا أن يطوف
الرجل بين الصفا والمروة على غير وضوء، وكان الوضوء أحبّ إليهما، وهذا
يقتضي أن الحسن إنما يقول باستحباب الطهارة له، كما يقوله غيره من العلماء.