كل قول فهي كلمة كان أصلها ما ذكرناه، ثم اتَّسَعَت العرب فيها، فصارت

تطلقها، ولا تريد حقيقة ما وُضِعت له أوّلًا، ونظيره: تَرِبَت يداه، وقاتله الله ما

أشجعه، وما أشعره، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (?).

وقال في "الفتح": قوله: "عَقْرَى حَلْقَى" بالفتح فيهما، ثم السكون،

وبالقصر بغير تنوين في الرواية، ويجوز في اللغة التنوين، وصوّبه أبو عبيد؛

لأن معناه الدعاء بالعَقْر والْحَلْق، كما يقال: سَقْيًا ورَعْيًا، ونحو ذلك من

المصادر التي يُدْعَى بها، وعلى الأول هو نعت لا دُعاءٌ، ثم معنى عَقْرَى:

عَقَرها الله؛ أي: جرحها، وقيل: جعلها عاقرًا لا تلد، وقيل: عقر قومها،

ومعنى حَلْقَى: حَلَق شعرها، وهو زينة المرأة، أو أصابها وجع في حلقها، أو

حَلَق قومها بشؤمها؛ أي: أهلكهم.

وحَكَى القرطبيّ أنها كلمة تقولها اليهود للحائض، فهذا أصل هاتين

الكلمتين، ثم اتَّسَعَتِ العرب في قولهما بغير إرادة حقيقتهما، كما قالوا:

قاتله الله، وتربت يداه، ونحو ذلك.

قال القرطبيّ وغيره: شتان بين قوله -صلى الله عليه وسلم- لصفية، وبين قوله لعائشة لَمّا

حاضت معه في الحج: "هذا شيء كتبه الله على بنات آدم"؛ لما يُشعر به من

الميل لها، والْحُنُوّ عليها، بخلاف صفية.

قال الحافظ: وليس فيه دليل على اتِّضاع قدر صفية عنده، لكن اختلف

الكلام باختلاف المقام، فعائشة دخل عليها، وهي تبكي أَسَفًا على ما فاتها من

النسك، فسَلّاها بذلك، وصفية أراد منها ما يريد الرجل من أهله، فأبدت

المانع، فناسب كلًّا منهما ما خاطبها به في تلك الحالة. انتهى (?)، وهو توجيه

حسنٌ، والله تعالى أعلم.

وقوله: (أَوَ مَا كُنْتِ) بفتح الواو، فالهمزة للاستفهام، والواو عاطفة.

وقوله: (طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ ) أي: طواف الإفاضة الذي هو ركن من أركان

الحجّ.

وقوله: (لَا بَأْسَ، انْفِرِي) أي: اخرجي من منى راجعةً إلى المدينة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015