أن تحتبس عليها، فلما سمعها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ظنَّ أنها لم تطف طواف الإفاضة،
فأجابها بما يدلُّ على استثقاله احتباسه بسببها، فقال: (قَالَ: "عَقْرَى، حَلْقَى)
الرواية فيه بغير تنوين، بألف التأنيث المقصورة.
قال القاضي: يقال للمرأة: "عقرى حلقى"؛ أي: مشوَّهة مؤذية، وقيل:
تعقرهم وتحلقهم، وقيل: عقرى: ذات عقير.
و"حلقى": أصابها وجع الحلق، وقيل: هي كلمة تقولها اليهود للحائض،
وقال أبو عبيد: صوابه: عقرًا، حلقًا -بالتنوين- لأن معناه: عقرها الله عقرًا،
وهذا على مذهبهم -أعني: العرب- فيما يجري على ألسنتهم؛ مما ظاهره
الدعاء بالمكروه، ولا يقصدونه، على ما تقدَّم في الطهارة (?).
وقال النوويّ رحمه الله: وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: "عقرى حلقى" فهكذا يرويه المحدّثون
بالألف التي هي ألف التأنيث، ويكتبونه بالياء، ولا ينونونه، وهكذا نقله جماعة
لا يُحْصَون من أئمة اللغة وغيرهم، عن رواية المحدثين، وهو صحيح فصيح.
قال الأزهريّ في "تهذيب اللغة": قال أبو عُبيد: معنى "عَقْرَى" عقرها الله
تعالى، و"حَلْقَى" حلقها الله، قال: يعنى عقر الله جسدها وأصابها بوجع في
حلقها، قال أبو عبيد: أصحاب الحديث يروونه: "عقرى حلقى"، وإنما هو:
عقرًا حلقًا، قال: وهذا على مذهب العرب في الدعاء على الشيء من غير إرادة
وقوعه، قال شَمِر: قلت لأبي عبيد: لم لا تجيز عقرى؟ فقال: لأن فَعْلَى تجيء
نعتًا، ولم تجئ في الدعاء، فقلت: رَوَى ابن شُمَيل عن العرب: مُطَّيْرَى،
وعَقْرَى أخفّ منها، فلم ينكره، هذا آخر ما ذكره الأزهريّ.
وقال صاحب "المحكم": يقال للمرأة: عَقْرَى حَلْقَى، معناه: عقرها الله،
وحلقها؛ أي: حلق شعرها، أو أصابها بوجع في حلقها، قال: فـ"عقرى" ها
هنا مصدر كدَعْوَى، وقيل: معناه تَعْقِر قومها، وتَحلقهم بشؤمها، وقيل:
العقرى: الحائض، وقبل: عقرى حلقى؛ أي: عقرها الله، وحلقها، هذا آخر
كلام صاحب "المحكم".
وقيل: معناه جعلها الله عاقرًا لا تَلِدُ، وحلقى مشؤمة على أهلها، وعلى