لما تقدم، وقد رواه البخاريّ في "الأضاحي"، ومسلم أيضًا من طريق ابن
عيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، بلفظ: "ضَحَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه
البقر"، ولم يذكر ما زاده عَمّار الدُّهْنيّ، وأخرجه مسلم أيضًا من طريق
عبد العزيز الماجشون، عن عبد الرحمن، لكن بلفظ: "أهدى" بدل "ضَحَّى"،
والظاهر أن التصرف من الرواة؛ لأنه ثبت في الحديث ذكر النحر، فحمله
بعضهم على الأضحية، فإن رواية أبي هريرة صريحة في أن ذلك كان عمن
اعتَمَر من نسائه، فقَوِيت رواية من رواه بلفظ: "أهدى"، وتبيّن أنه هدي
التمتع، فليس فيه حجة على مالك في قوله: "لا ضحايا على أهل منى"، وتبيّن
توجيه الاستدلال به على جواز الاشتراك في الهدي والأضحية، والله أعلم.
انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن أكثر الرواة رووه بلفظ "ضحّى"،
فهو أرجح، فيدلّ على استحباب الأضحيّة للحاج، كالهدي، وفيه الردّ على من
أنكر ذلك كمالك، وقد ترجم البخاريّ رحمه الله في "كتاب الأضاحي" من
"صحيحه" (?) بقوله: "باب الأضحيّة للمسافر والنساء"، ثم أورد حديث
عائشة -رضي الله عنها- هذا، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب.
وقوله: (قَالَ يَحْيَى) هو: ابن سعيد الأنصاريّ بالإسناد المذكور إليه.
وقوله: (فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ) أي: حديث عمرة، عن عائشة -رضي الله عنها-.
وقوله: (لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ) هو: ابن أبي بكر الصديق.
وقوله: (فَقَالَ: أَتَتْكَ وَاللهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ) أي: قال القاسم: ساقته
عمرة لك سياقًا تامًّا، لم تختصر منه شيئًا، وكأنه يشير بذلك إلى روايته هو عن
عائشة، فإنها مختصرة، هكذا قال في "الفتح" (?)، وفيه نظرٌ؛ لأن رواية القاسم
عند المصنّف أتمّ من رواية عمرة، فتنبّه.