فِي الْعَشْرِ كَانَتْ حِجَّةُ الْوَدَاعِ ... لَا يُحْصَرُ الْوَافُونَ بِاطِّلَاعِ
فَقِيلَ كَانُوا أَرْبَعِينَ أَلْفَا ... أَوْ ضعْفَهَا وَزِدْ عَلَيْهَا ضِعْفَا
وقولها: (لِخَمْسٍ) وفي رواية: "لخمس ليال" (بَقِينَ، مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ) بفتح
القاف، وتكسر: اسم الشهر الذي بين شوّال، وذي الحجّة، قال الفيّوميّ:
والجمع ذوات القَعْدة، وذوات الْقَعَدَات، والتثنية ذواتا الْقَعْدة، وذواتا
القَعْدتين، فثنّوا الاسمين، وجمعوهما، وهو عزيز؛ لأن الكلمتين بمنزلة كلمة
واحدة، ولا تتوالى على كلمة علامتا تثنية، ولا جمع. انتهى.
وكذا وقع في حديث ابن عبّاس -رضي الله عنهما- عند البخاريّ في "باب الخروج آخر
الشهر"، من "كتاب الجهاد"، وفي "باب ما يلبس المحرم من الثياب"، من
"كتاب الحجّ"، وكذا وقع في حديث جابر -رضي الله عنه- عند النسائيّ.
قال القسطلّانيّ رحمه الله: يقتضي أن تكون قالته عائشة بعد انقضاء الشهر،
ولو قالته قبله لقالت: إن بقين. انتهى.
وقال الحافظ: فيه استعمال الفصيح في التاريخ، وهو ما دام في النصف
الأول من الشهر يؤرّخ بما خلا، وإذا دخل النصف الثاني يؤرّخ بما بقي، وقال
أيضًا: فيه ردّ على من منع إطلاق القول في التاريخ؛ لئلا يكون الشهر ناقصًا،
فلا يصحّ الكلام، فيقول مثلًا: لخمس، إن بقين بزيادة أداة الشرط، وحجّة
الجواز أن الإطلاق يكون على الغالب. انتهى.
قال: ويؤيّده ما ورد في ليالي القدر عند الترمذيّ من حديث أبي
بكرة -رضي الله عنه-، رفعه: "التمسوها في تسع يبقين، أو سبع يبقين ... " الحديث، وما
وقع في حديث آخر: "في تاسعة تبقى، وسابعة تبقى".
[تنبيه]: اختُلف في يوم خروجه -صلى الله عليه وسلم- على ثلاثة أقوال:
(الأول): أنه خرج يوم الجمعة، وهذا وَهَمٌ قبيح، وخطأ فاحش، تردّه
الروايات الصحيحة؛ إذ من المعلوم الذي لا ريب فيه أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر يوم
خروجه بالمدينة أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين.
(القول الثاني): ما ذهب إليه ابن حزم، واختاره العينيّ في "شرح
البخاريّ" أن خروجه -صلى الله عليه وسلم- من المدينة كان يوم الخميس، لستّ بقين من ذي