فرَحَلَ حتى أناخ على ظهر العقبة، أو من ورائها ينتظرها، قال: فيَحْتَمِل أن
يكون لقاؤه لها كان في هذا الرحيل، وأنه المكان الذي عنته في رواية الأسود
بقوله لها: "موعدك بمكان كذا وكذا"، ثم طاف بعد ذلك طواف الوداع.
انتهى.
قال الحافظ: وهذا التأويل حسنٌ، وهو يقتضي أن الرواية التي عزاها
للأصيليّ مسكوت عن ذكر طواف الوداع فيها، وقد بيّنا أن الصواب فيها: فَمَرّ
بالبيت، فطاف به، بدل قوله: "ومن طاف بالبيت".
قال: ثم في عزو عياض ذلك إلى الأصيليّ وحده نظرٌ، فإن كل الروايات
التي وقفنا عليها في ذلك سواء، حتى رواية إبراهيم بن مَعْقِل النسفيّ، عن
البخاريّ، والله أعلم. انتهى (?).
وقوله: ("هَلْ فَرَغْتِ؟ ") أي: من أفعال العمرة.
وقولها: (فَآذَنَ) بالمدّ؛ أي: أعلم، وفي نسخة: "فأَذَّنَ" بلا مدّ، وتشديد
الذال المعجمة، وهو بمعناه.
وقولها: (بِالرَّحِيلِ) - بفتح الراء، وكسر الحاء - مصدر رَحَل؛ أي:
بالارتحال إلى المدينة.
وقولها: (فَخَرَجَ، فَمَزَ بِالْبَيْتِ، فَطَافَ بِهِ) هذا هو طواف الوَداع بفتح
الواو، وفي رواية البخاريّ: "فارتحل الناس، ومن طاف بالبيت قبل صلاة
الصبح".
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "فارتحل الناس، ومن طاف بالبيت"، هو من
عطف الخاصّ على العامّ؛ لأن الناس أعمّ من الطائفين، ولعلها أرادت بالناس
من لم يطف طواف الوداع، ويَحْتَمِل أن يكون الموصول صفة "الناس"، من
باب تَوَسُّط العاطف بين الصفة والموصوف، كقوله تعالى: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الأحزاب: 12] وقد أجاز سيبويه نحو مررت بزيد
وصاحبِك، إذا أراد بالصاحب زيداً المذكور.
قال: وهذا كله بناء على صحة هذا السياق، والذي يغلب عندي أنه وقع