حيث أمر أخاها أن يُعمرها من التنعيم، فحصل لها ما ترجّاه - صلى الله عليه وسلم - لها، ولله
الحمد والمنّة.
وقولها: (الْمُحَصَّبَ) بصيغة اسم المفعول المضعّف، من التحصيب، وهو
موضع بمكة على طريق منًى، وشممّى البطحاء، والمحصّب أيضاً: مَرْمَى
الجمار بمنى، قاله الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ- (?).
وقوله: (اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِن الْحَرَمِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: فيه دليل لما قاله
العلماء: إن من كان بمكة وأراد العمرة فميقاته لها أدنى الحلّ، ولا يجوز أن
يحرم بها من الحرم، فإن خالف وأحرم بها من الحرم، وخرج إلى الحلّ قبل
الطواف أجزأه، ولا دم عليه، وإن لم يخرج وطاف وسعى وحلق ففيه قولان:
أحدهما: لا تصحّ عمرته حتى يخرج إلى الحلّ، ثم يطوف، ويسعى
ويحلق.
والثاني: وهو الأصح: يصحّ، وعليه دم لتركه الميقات.
قال العلماء: وإنما وجب الخروج إلى الحل؛ ليجمع في نسكه بين الحلّ
والحرم، كما أن الحاجّ يجمع بينهما، فإنه يقف بعرفات، وهي في الحلّ، ثم
يدخل مكة للطواف وغيره، هذا تفصيل مذهب الشافعيّ، وهكذا قال جمهور
العلماء: إنه يجب الخروج لإحرام العمرة إلى أدنى الحلّ، وانه لو أحرم بها في
الحرم ولم يخرج لزمه دم.
وقال عطاء: لا شيء عليه، وقال مالك: لا يجزئه حتى يخرج إلى
الحلّ، قال القاضي عياض: وقال مالك: لا بُدّ من إحرامه من التنعيم خاصّة،
قالوا: وهو ميقات المعتمرين من مكة، وهذا شاذّ مردود، والذي عليه الجماهير
أن جميع جهات الحلّ سواء، ولا تختص بالتنعيم. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي قول من قال: لا تجزىء العمرة إلا
بالخروج إلى الحلّ هو الأظهر؛ لظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اخرُج بأختك من
الحرم ... " الحديث، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
وقوله: (أَنْتَظِرُكُمَا هَا هُنَا) يعني المحصّب.