النسخ: "فسَمِعتُ بالعمرة"، قال القاضي عياض: كذا رواه جمهور رواة مسلم،
ورواه بعضهم: "فمُنِعتُ العمرةَ"، وهو الصواب. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: كذا نقل النوويّ كلام القاضي عياض، وأقرّه
عليه، وعندي أن ما في النسخة الأولى صحيح أيضاً، ووجهه أن قولها:
"فسمعت بالعمرة" أي: سمعتك تأمر أصحابك بعمل العمرة، والتحلّل بعدها،
ولكني لا أستطيع ذلك؛ لما حلّ بي من الحيض، والله تعالى أعلم.
وقولها: (فَقَالَ: "مَا يُبْكِيكِ؟ ") زاد في رواية البخاريّ: "يَا هَنْتَاهْ" - بفتح
الهاء والنون، وقد تسكن النون، بعدها مثناة، وآخرها هاء ساكنة: كناية عن
شيء، لا يذكره باسمه، تقول في الثداء للمذكر: يا هَنُ، وقد تزاد الهاء في
آخره للسكت، فتقول: يا هنهْ، وتشبع الحركة في النون، فتقول: يا هناه، وتزاد
في جميع ذلك للمؤنث مثناة، وقال بعضهم: الألف والهاء في آخره كهما في
النُّدْبة، قاله في "الفتح" (?).
وقولها: (لَا أُصَلِّي) كناية عن أنها حاضت، وهي من لطيف الكنايات،
قال ابن الْمُنَيِّر: كَنَتْ عن الحيض بالحكم الخاصّ به؛ أدباً منها، وقد ظهر أثر
ذلك في بناهها المؤمنات، فكلهنّ يَكْنين عن الحيض بحرمان الصلاة، أو غير
ذلك. انتهى (?).
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: فيه استحباب الكناية عن الحيض ونحوه، مما يُستحى
منه، ويُستشنع لفظه، إلا إذا كانت حاجة، كإزالة وهم، ونحو ذلك. انتهى (?).
قَوله: (فَلَا يَضُرُّكِ) وعند البخاريّ في رواية الكشميهنيّ: "فلا يَضِيرك"
بكسر الضاد، وتخفيف التحتانية، من الضير، وهو الضرر.
وقوله: (فَكُوني فِي حَجِّكِ) فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تهلّ بالحجّ، وتدخله
على عمرتها التي ما تمكّنت من الفراغ منها بسبب حيضها، فتكون قارنة.
وقوله: (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا) أي: العمرة المفردة، وقد تحقّق ذلك